«أزمة شديدة» تضرب العراق مع تصاعد الحرارة وتفاقم الأوضاع المعيشية

«أزمة شديدة» تضرب العراق مع تصاعد الحرارة وتفاقم الأوضاع المعيشية
«أزمة شديدة» تضرب العراق مع تصاعد الحرارة وتفاقم الأوضاع المعيشية

تواجه شبكة الكهرباء في العراق أزمة حادة ومستدامة تتسبب في نقص حاد بتجهيز الطاقة خلال أشهر الصيف، وتتعدد أسباب هذه المشكلة بين الصيانات الدورية لمحطات التوليد، وفقدان كميات كبيرة من الغاز المستورد جراء العقوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية ونقص الاستثمارات في قطاع الطاقة على مدى عقود سابقة، وهو ما ينعكس سلباً على حياة المواطنين ويتفاقم مع ارتفاع الطلب بسبب ارتفاع درجات الحرارة.

أسباب تراجع تجهيز الكهرباء في العراق

من أبرز أسباب تراجع تجهيز الكهرباء في العراق هو الصيانة الدورية التي تجريها وزارة الكهرباء لمحطات التوليد، حيث تتسبب هذه العمليات في انقطاع كميات كبيرة من الطاقة لمدة تصل إلى أسابيع، كما يرتبط هذا النقص بالعقوبات الأمريكية التي حظرت استيراد الكهرباء والغاز من إيران، مما تسبب في فقدان ما بين 800 إلى 1000 ميغاواط من القدرة الإنتاجية نتيجة لشح الغاز المحلي واعتماد العراق الكبير عليه لتشغيل محطاته، يرافق ذلك ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة يزيد الضغط على الشبكة الوطنية.

يرى الخبراء أن مشكلة الكهرباء تتطلب حلولاً شاملة تشمل تطوير البنية التحتية للطاقة، تحسين قطاع الجباية، وتقليل الاعتماد على الغاز المستورد من خلال استثمار الموارد المحلية كالغاز المصاحب واستخدام الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية التي توفر إمكانات واعدة للعراق بفضل موقعه الجغرافي.

مشكلات الحكومات السابقة وتأثيرها على أزمة الكهرباء

العديد من مشكلات توليد الكهرباء الحالية هي نتيجة أخطاء استراتيجية ارتكبتها الحكومات السابقة، حيث تم إنشاء محطات توليد غازية دون تخطيط لتوفير الغاز محلياً، ما جعل العراق يعتمد بشكل كبير على الاستيراد، كما لم يتم تحسين شبكات النقل والتوزيع التي تعاني من عدم كفاءتها بسبب تقادم المعدات والخسائر الفنية التي تصل إلى 20٪ في بعض المناطق، أضف إلى ذلك غياب مشاريع الاستدامة التي تعالج جذور المشكلة مثل الاستثمار الفعلي في الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة.

في الوقت نفسه، تقف القيود التقنية والبروتوكولات البيروقراطية عائقاً أمام تنفيذ المشاريع الكبرى التي وقعتها الحكومة مع شركات عالمية مثل سيمنز وجنرال إلكتريك، ما أجّل البدء بها وجعل المواطن العراقي يواجه نفس الأزمات عاماً بعد عام.

هل تنجح المشاريع الكبيرة في إنهاء أزمة الكهرباء؟

أعادت وزارة الكهرباء مؤخراً توقيع عقود كبيرة لإنشاء محطات جديدة بقدرات إنتاجية عالية، إلا أن تأخر الشروع فيها لن يقدم حلولا فورية للأزمة خلال المدى القصير، الخبراء يؤكدون أن قطاع الكهرباء بحاجة إلى مشروع متكامل يتجاوز إنشاء محطات، يشمل تحسين شبكات النقل والتوزيع وتطوير سياسات لتحفيز استثمارات القطاع الخاص وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة، يضاف إليه تقليل الاعتماد على الغاز المستورد بالاستثمار في الغاز المصاحب المنتج محلياً للحصول على استدامة حقيقية للطاقة.

إذا لم تُنفذ هذه الحلول بشكل مستدام وعاجل، فإن محاولات تحسين الكهرباء ستظل محدودة الأثر، ما سيشكل الضغط الأقصى على المواطنين خلال أشهر الصيف التي تشهد ذروة الطلب على الطاقة مع ارتفاع درجات الحرارة، ما يتطلب تحقيق توازن بين تطوير المشاريع الاستراتيجية والحلول السريعة التي تنصف المستهلكين.