«أزمة مزدوجة» الاقتصاد والسياسة يحاصران حكومة بن بريك في اختبار صعب

«أزمة مزدوجة» الاقتصاد والسياسة يحاصران حكومة بن بريك في اختبار صعب
«أزمة مزدوجة» الاقتصاد والسياسة يحاصران حكومة بن بريك في اختبار صعب

يواجه اليمن مرحلة حرجة وصعبة تشتبك فيها التحديات السياسية والاقتصادية تحت قيادة رئيس الوزراء سالم بن بريك، الذي تم تكليفه مؤخرًا بقيادة الحكومة اليمنية الجديدة في ظل أزمة متعددة الجوانب. تتطلب هذه التحديات قرارات قوية وصلاحيات متكاملة للخروج من الأزمات الراهنة، لا سيما في ظل التدهور الاقتصادي والصراعات السياسية المستمرة التي تزيد من تعقيد المشهد الداخلي.

التدهور الاقتصادي يشكل العقبة الأبرز أمام حكومة بن بريك

تعد الأزمات الاقتصادية من أبرز المشكلات التي تواجه اليمن، حيث شهد الريال اليمني انخفاضًا كبيرًا تجاوز 70% من قيمته خلال السنوات الأخيرة، مما أدى إلى زيادة التضخم وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. إضافة إلى ذلك، يعاني الاقتصاد من عجز متنامٍ في الموازنة العامة، نتيجة توقف صادرات النفط، وهو أحد أهم مصادر الدخل القومي، بسبب تزايد التوترات العسكرية. وأدى هذا الوضع إلى تفاقم أزمة الرواتب المتأخرة للموظفين الحكوميين، مما خلق حالة من الغليان الشعبي. علاوة على ذلك، يتواصل تدهور خدمات البنية التحتية مثل الكهرباء، التي تستهلك ميزانية ضخمة دون تحقيق تحسن يلبي توقعات المواطنين.

الأزمات السياسية والدور المعقد للمجلس الانتقالي الجنوبي

على المستوى السياسي، تواجه حكومة بن بريك الوضع المعقد مع المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة عدن والمناطق المحيطة، حيث يمارس المجلس نفوذًا كبيرًا ليس فقط عسكريًا وأمنيًا، بل أيضًا على العديد من الموارد المالية الحيوية للدولة. ورغم أن المجلس يُعتبر شريكًا في الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، إلا أن خلافاته المستمرة تعرقل الأداء الحكومي وتُضعف التنسيق في إدارة الأزمات. يتطلب هذا الواقع الحرج من الحكومة اتخاذ قرارات شجاعة لتحقيق التوازن بين العمل المشترك مع المجلس الانتقالي والحد من تأثير أجنداته الانفصالية.

خطوات ضرورية لإنجاح حكومة بن بريك

تشير الدراسات إلى أن حكومة بن بريك تمتلك فرصة لتحسين الوضع العام إذا نجحت في اتخاذ إجراءات إصلاحية شاملة. يمكن أن تتضمن هذه الإجراءات تحسين إدارة الموارد المالية، القضاء على الفساد المستشري، واستئناف صادرات النفط التي تُعد ركيزة اقتصادية أساسية للبلاد. كما أن الدعم المادي والسياسي المستدام من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة سيكون عاملًا حاسمًا في تمتين الموقف الاقتصادي للحكومة الجديدة. علاوة على ذلك، ينبغي على الحكومة توجيه جهودها نحو تحقيق إصلاحات ملموسة في خدمات الكهرباء والصحة والتعليم، وهو ما سيُسهم في تهدئة الأوضاع الشعبية المتوترة.

بالإضافة إلى الخطوات الاقتصادية، فمن المهم أن تلعب الحكومة دورًا أكبر في تعزيز شرعية الدولة، وإظهار التزام قوي بإنهاء انقلاب جماعة الحوثي وإعادة الاستقرار السياسي لليمن. وفي خضم المشهد الإقليمي والدولي الذي يبدو مهيئًا لتحولات كبيرة، قد تُتاح للحكومة الجديدة فرصة تاريخية لتثبيت دعائم النظام السياسي والاقتصادي، مما يستلزم إدارة حكيمة وقرارات محورية تُخرج البلاد من هذه الأزمة.

يتجلى التحدي الأول أمام سالم بن بريك في إثبات قدرته على تنسيق الإدارة بشكل يوازن بين الملفات الاقتصادية الضاغطة والصراعات السياسية المعقدة، وهو ما سيحدد مستقبل الحكومة اليمنية في الأشهر القادمة.