أسعار غاز محروقة تتخطى 151 مليار متر مكعب وتأثيرها على أسواق الطاقة في 2024

الغاز المحروق أثناء استخراج النفط بلغ 151 مليار متر مكعب في عام 2024، مسجلاً ارتفاعًا للعام الثاني على التوالي، ما أدى إلى فقدان طاقة قيمتها نحو 63 مليار دولار، وأثر سلبًا على جهود مكافحة الانبعاثات وتعزيز أمن الطاقة وضمان استدامتها. هذه الأرقام تشير إلى تحديات كبيرة تواجه قطاعات النفط والغاز عالميًا.

ارتفاع الغاز المحروق أثناء استخراج النفط وتأثيره الاقتصادي والبيئي

بلغ حجم الغاز المحروق أثناء استخراج النفط 151 مليار متر مكعب في عام 2024، مسجلاً زيادة قدرها 3 مليارات متر مكعب مقارنة بالعام السابق، وهو أعلى مستوى يسجله العالم منذ ما يقرب من عقدين من الزمن، ما يعكس استمرارية هدر هذا المورد الحيوي. تسبب هذا الحرق في انبعاث ما يقارب 389 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، منها نحو 46 مليون طن من غاز الميثان غير المحترق، وهو من أقوى الغازات الدفيئة، حيث يبلغ تأثيره البيئي عدة أضعاف ثاني أكسيد الكربون. هذا الحجم الكبير من الانبعاثات كان بالإمكان تفاديه من خلال سياسات وإجراءات تقلل من هذه الممارسات المهدرة للطاقة والموارد.

التحديات والواقع الراهن لعمليات حرق الغاز في قطاع النفط

رغم نجاح بعض الدول في تقليل عمليات حرق الغاز، إلا أن تسعة دول فقط مسؤولة عن ثلاثة أرباع إجمالي الغاز المحروق عالميًا، وهي تنتج أقل من نصف النفط الخام على المستوى العالمي. وتظهر بيانات الأقمار الصناعية التي اعتمد عليها تقرير البنك الدولي السنوي لتتبع أنشطة حرق الغاز، أن كثافة الحرق – أي نسبة الغاز المحروق لكل برميل نفط منتج – ظلت مرتفعة بشكل مستمر خلال الخمسة عشر سنة الماضية. وأوضح ديميتريوس باباثاناسيو، المدير العالمي لقطاع الطاقة في البنك الدولي، أن هدرا بهذا الحجم في ظل وجود أكثر من مليار شخص يفتقرون إلى مصادر طاقة موثوقة هو أمر يبعث على الإحباط، خصوصًا مع تزايد الطلب العالمي على الطاقة.

مبادرات البنك الدولي والشراكة العالمية للحد من حرق الغاز والميثان

أشار تقرير البنك الدولي إلى أن الدول التي التزمت بمبادرة «الوقف التام للحرق المعتاد للغاز بحلول عام 2030» حققت تقدمًا ملحوظًا، حيث سجلت انخفاضًا متوسطًا بنسبة 12٪ في كثافة حرق الغاز منذ عام 2012، في مقابل زيادة بنسبة 25٪ لدى الدول غير الملتزمة. وفي إطار دعم هذا التوجه، تواصل الشراكة العالمية للحد من حرق الغاز والميثان التابعة للبنك الدولي تمويل المشاريع التي تستهدف تقليل هذه الممارسات، من خلال منح تحفيزية، مساعدات فنية، استشارات لتعديل السياسات واللوائح، بالإضافة إلى برامج بناء القدرات. مثال على ذلك، مشروع أوزبكستان الذي حصل على 11 مليون دولار لتحديد إصلاح تسربات غاز الميثان في شبكة نقل الغاز، مما ساهم في خفض الانبعاثات السنوية بنحو 9 آلاف طن، مع إمكانية رفع هذا الحجم إلى 100 ألف طن سنويًا.

• تقديم منح مالية للمشاريع المستهدفة
• دعم فني وتقني لإصلاح الشبكات والحد من التسربات
• تقديم الاستشارات لإصلاح السياسات وتنظيم الإجراءات
• بناء القدرات وتعزيز المؤسسات المشرفة على القطاع

وأكد زوبين بامجى، المدير المسؤول عن الشراكة العالمية للحد من حرق الغاز والميثان بالبنك الدولي، على أن تقليل حرق الغاز يجب أن يكون أولوية لدى الحكومات والمشغلين، محذرًا من استمرار تفاقم المشكلة إذا لم تتخذ إجراءات فعالة، ومشيرًا إلى أن الحلول متاحة عبر اعتماد سياسات مدروسة تخلق بيئة داعمة لإطلاق مشاريع مستدامة وقابلة للتوسعة، تعمل على تحويل الغاز المهدر إلى موارد اقتصادية جاذبة.

وتُعد الشراكة العالمية للحد من الغاز مبادرة دولية تابعة للبنك الدولي، تتشكل من صندوق استئماني متعدد المانحين يضم حكومات وشركات ومنظمات متعددة الأطراف، وتلتزم هذه الأطراف بإنهاء عمليات الحرق المعتاد للغاز وتقليل انبعاثات غاز الميثان في قطاع النفط والغاز. كما يعتمد التقرير العالمي لتتبع أنشطة حرق الغاز على تكنولوجيا متطورة تجمع بيانات دقيقة، حيث تم إعداد تقديرات الحرق عالميًا انطلاقًا من صور قمر صناعي أطلق عام 2012 وتديره الإدارة الوطنية الأمريكية لدراسة المحيطات والغلاف الجوي. تستخدم أجهزة الاستشعار المتقدمة الحساسة للأشعة تحت الحمراء لقياس الحرارة المنبعثة من عمليات حرق الغاز حول العالم، مما يساعد في رصد ومتابعة التقدم نحو تحقيق هدف الوقف التام لهذا الحرق بحلول عام 2030.