«أمل متجدد» خالد إبراهيم يكتب طُوفنا لسمر طارق هل يوجد مخرج من دائرة اليأس

وسط الزخم الكبير في الساحة الغنائية المصرية التي تضم ألوانًا موسيقية متعددة، يبرز مشروع “طوفنا” للمطربة سمر طارق كمبادرة فنية جريئة تعبّر عن رحلة البحث عن مَخرج من دائرة اليأس، إذ يعكس الألبوم تجربة خاصة عاشتها سمر بنغماته وكلماته المتماسكة التي توثق حالة داخلية عميقة.

تفرد مشروع طوفنا للمطربة سمر طارق في التعبير عن دائرة اليأس

مشروع “طوفنا” لسمر طارق لا يشبه الألبومات المعتادة، فهو يمتاز بوحدة الأفكار والتماسك بين أغنياته الثمانية التي تتشابك لتكمل بعضها البعض ضمن سرد غنائي متجانس، مع تجنب التكرار والأنماط الموسيقية الروتينية؛ فتسيطر على كلمات وألحان هذا المشروع يد سمر طارق بشكل كامل، ما يمنحه قوة مميزة في طرحه لفكرة البحث عن مَخرج من دائرة اليأس التي عانت منها، وليس هذا فحسب، بل إن الألبوم يُعد انعكاسًا صادقًا لصراعاتها الشخصية والموسيقية. يعكس الألبوم شعورًا بالدوران المفرغ، يتمثل في عبارات مثل “طوفنا”، “لفينا ورجعنا”، وما يشابهها التي تتكرر لتعبر عن تكرار الحياة داخل هذه الدائرة الضيقة.

أبعاد الأغاني في طوفنا ودورها في تصوير رحلة البحث عن مَخرج

يتردد في أغانٍ مثل “معلش” و”صح وغلط” صور المواساة الذاتية والارتباك العاطفي؛ إذ توصل سمر مشاعرها وكأنها تواسي نفسها والمستمع في آنٍ واحد، عبر كلمات مثل “سيب اللي كان واجعك يخف” أو “معلش شوية وقت ويعدوا وتكون تمام”، الأمر الذي يعكس تلازم الألم مع الأمل بشكل غير واضح، أو كما لو أن هناك حالة من التقلب المستمر تسير في نفس الحلقة. أغنية “ليه” تحكي قصة أزمة الهوية والضياع، بصوت يفيض بعدم اليقين، موضحة مدى تأثير مرور الزمن على النفس، مع نبرات لحنية تعكس الحيرة والتخلص من الطمأنينة التي كانت موضع ثقة سابقة. تقدم كلماتها تأملات مثل “عديت يا سنين ع الماضي.. عقرب دق ولف قصادي.. بلمح عمري اتغير.. شكلي ماعرفتوش.. وقع الوقت نمد إدينا” التي تتماهى مع شعار البحث عن مَخرج من دائرة اليأس التي انسجمت مع لحن الأغنية وأداء سمر الحارق.

الرسائل الاجتماعية في ألبوم طوفنا وتجلّي البحث عن مَخرج ضمن دوائر الحياة

بالرغم من التموجات العاطفية التي تعصف بالألبوم، تقدم سمر طارق في أغنية “تاتا” وجهة نظر نقدية صريحة تصوّر واقعًا مجتمعيًا متدهورًا؛ عبر تصوير الحياة كغابة يسودها التسابق والتوحش بين البشر، وتنتقد مواقف الإهمال والأيدي القصيرة بنواياٍ يائسة. كما تعكس كلمات “صح غلط” رغبة في إعادة ضبط المسار الذاتي والمجتمعي معًا، موضحة الضبابية التي تعتري الرؤية في المجتمع، ما يجعل الحاجة إلى مَخرج من دائرة اليأس أمرًا حتميًا. هذا التزام سمر يتضح أكثر في تصوير أغلفة الأغاني التي تم إعدادها في مدينة ملاهي لكن دون ابتسامات مبهجة، مما يزيد من التناقض بين البهجة الظاهرة والواقع المؤلم بجو من السجن داخل دوائر متكررة من الألم والحنين لبراءة مفقودة.

اسم الأغنية الموضوع رسالة رئيسية
طوفنا الدوران في دائرة اليأس البحث عن مَخرج من الحلقات المتكررة
معلش المواساة الذاتية التقبل والتخفيف من الأوجاع الشخصية
ليه أزمة الهوية والشك التساؤل عن الذات والزمن
صح غلط الضبابية وعدم وضوح الرؤية الحاجة لإعادة ضبط النفس والحياة
تاتا النقد الاجتماعي التحذير من تدهور العلاقات الإنسانية

بالإضافة إلى ذلك، يقدم كليب “طوفنا” رؤية أعمق في حياة شخصية عانت من آلام الطفولة جراء الخلافات العائلية، حيث يعكس مشاعر معانقة الألم والذاكرة المؤلمة التي تستحث على استمرار البحث عن مَخرج من دوامة اليأس، ممزوجة بوجه مكبل بالحزن وسط خلفية مدينة الملاهي التي تحولت إلى رمز لمفارقة الألم والفرح المفقود.

يبدو جليًا من خلال هذا العمل المتكامل أن سمر طارق وضعت نفسها في مكان كاتبة وملحنة ومطربة تبحث بجرأة عن طريقة لتعبر بها عن المَخرج الحقيقي من دائرة اليأس، مع الحفاظ على أصالة التجربة والصدق في التعبير، حيث استغلّت تنوع الحركات اللحنية والتلاعب بالإيقاعات لتكثيف أثر الكلمات، مما يجعل مشروع “طوفنا” علامة فارقة في مشهد الموسيقى العربية الحديثة.