ارتفاع الإنفاق الأمريكي على المجوهرات اليوم رغم الضغوط الاقتصادية الحالية

في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي تحديات متعددة، يبرز الإنفاق على المجوهرات في الولايات المتحدة كسلوك استهلاكي مميز يظل متسقًا وشبه مستقرّ رغم الأوضاع الاقتصادية المضطربة، حيث يواصل الأمريكيون استثمارهم بسخاء في المجوهرات، مما يعكس ثقة قوية في السوق الأمريكي مقارنة بأسواق المجوهرات العالمية الأخرى.

أسباب استمرار إنفاق الأمريكيين على المجوهرات رغم التحديات الاقتصادية

يمثل السوق الأمريكي جزءًا هامًا من مبيعات شركات المجوهرات العالمية، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة، إذ كشفت شركة “باندورا” الدنماركية أن السوق الأمريكي يسهم بنحو ثلث إيراداتها العالمية، وهو معدل مرتفع يميز السوق الأمريكي عن غيره من الأسواق الرئيسية التي تشهد تراجعًا في مبيعاتها، مثل الأسواق الأوروبية التي تعاني من انكماش ملموس؛ فضلًا عن السوق الصيني الذي يشهد ضعفًا حادًا في الاستهلاك. ويرجع هذا الاستمرار في الانفاق بشكل رئيسي إلى ثقة المستهلك الأمريكي التي تبدو متماسكة رغم التحديات، وتفضيله الاستمرار في اقتناء المجوهرات، بجانب استمرار وجود علامات تجارية فاخرة تجذب اهتمام الزبائن، مما يجعل السوق الأمريكي أكثر مرونة وقدرة على مواجهة التحديات مقارنة بأسواق المجوهرات الدولية الأخرى.

كيف تعكس نتائج مبيعات المجوهرات نمو السوق الأمريكي وثقته المستمرة

هذا التباين في الأداء يظهر بوضوح في الأرقام التي أعلنتها شركات مجوهرات كبرى، حيث سجلت “باندورا” ارتفاعًا بنسبة 8% في مبيعاتها داخل الولايات المتحدة على أساس سنوي، في حين تراجعت مبيعاتها في الصين بنسبة 15% ومازالت بعض الأسواق الأوروبية تشهد انخفاضًا أيضًا، مما يؤكد تموضع السوق الأمريكي كمنصة أساسية تستقطب المستهلكين وتحقق معدلات نمو ملحوظة. بالإضافة إلى ذلك، فقد ذكرت مجموعة “ريشمونت” السويسرية أن مبيعاتها في أمريكا زادت بنسبة 17%، وهذا النمو الكبير يعكس نجاح الاستراتيجيات التي تعتمدها العلامات الفاخرة في التوسع هناك، مما يعزز من مكانة السوق الأمريكي كمصدر رئيسي للعوائد في قطاع المجوهرات الفاخرة.

التحديات الجمركية وتأثيرها على أرباح شركات المجوهرات في السوق الأمريكي

رغم الإقبال الكبير على المجوهرات في الولايات المتحدة، تواجه الشركات تحديات جسيمة، لا سيما تلك المتعلقة بالرسوم الجمركية التي تؤثر على تكلفة الإنتاج والأرباح، خاصة للشركات التي تعتمد على التصنيع في الخارج، مثل مصانع “باندورا” في تايلاند، حيث تتوقع الشركة تكبد خسائر تصل إلى 200 مليون كرونة دنماركية عام 2025 نتيجة هذه الرسوم، وهو ما يضغط على هوامش الربح. رغم ذلك، تعتقد الشركة أنها ستتمكن من الحفاظ على هامش ربح تشغيلي يبلغ 24% هذا العام، ما يدل على قدرة السوق الأمريكي على امتصاص الصدمات الاقتصادية رغم هذه العراقيل، ويبرهن أيضًا على أهمية إدارة التكاليف والضغوط الجمركية للحفاظ على استقرار الشركات وتعزيز نموها المستدام في قطاع المجوهرات.

يتضح من هذه البيانات أن السوق الأمريكي للمجوهرات يتمتع بطابع خاص يسمح له بالتفوق على أسواق أخرى تعاني من ضعف المستهلك، حيث تنمو مبيعات المجوهرات بنسبة ملحوظة في الولايات المتحدة على الرغم من الضغوط الاقتصادية والتحديات الجمركية التي تشكل عبئًا واضحًا على الشركات المصنعة، ويؤكد المشترون الأمريكيون أولوية عالية للمجوهرات في مصروفاتهم حتى في ظل الظروف الاقتصادية المعقدة، ما يجعل هذا السوق هدفًا استراتيجيًا لا غنى عنه للعلامات التجارية العالمية التي تسعى للحفاظ على حصتها والتوسع بوتيرة ثابتة.