ارتفاع درجات الحرارة يسرّع الشيخوخة.. كيف تحمي جسدك من هذا الخطر الصامت؟

الحرارة تُسرّع الشيخوخة البيولوجية بشكل ملحوظ، فما كشفته الدراسات الحديثة يشير إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في عصر تغيّر المناخ لا يؤثر فقط في بيئتنا، بل يسرع أيضًا من وتيرة الشيخوخة داخل أجسادنا؛ وهو ما يمثل خطرًا صحيًا صامتًا يؤثر على كبار السن والرجال وذوي الدخل المنخفض بشكل خاص ويهدد صحتهم الجينية والبيولوجية على حد سواء.

كيف تؤثر الحرارة على الشيخوخة البيولوجية وأجسادنا؟

تسارع الشيخوخة البيولوجية ليس محصورًا في مرور الوقت، بل يتأثر بشدة بالبيئة المحيطة والضغوط التي تواجه خلايانا؛ والحرارة المرتفعة تمثل أحد أهم هذه المؤثرات التي تسبب ظاهرة “الإجهاد الحراري التراكمي” داخل أجسامنا، مما يغير طريقة التعبير فوق الجيني للجينات؛ أي كيفية تشغيلها أو إيقافها استجابةً لذلك الإجهاد الحراري؛ هذه التغيرات الجينية الدقيقة لا تضعف فقط قدرتنا على التكيّف مع درجات الحرارة المرتفعة، بل تسهم كذلك في زيادة احتمالات الإصابة بأمراض الشيخوخة مثل أمراض القلب، ضعف الذاكرة، وانخفاض كفاءة جهاز المناعة.

الدراسات والنتائج: كيف تؤدي الحرارة لتسريع الشيخوخة البيولوجية؟

بناءً على بيانات شملت 3700 مشارك بمتوسط عمر 68 عامًا، استخدم الباحثون ثلاث ساعات بيولوجية دقيقة كمقياس لتحديد العمر البيولوجي الحقيقي، بعيدًا عن التاريخ التقويمي؛ كشفت التحليلات أن التعرض المستمر لموجات الحر الشديدة يُسرع من الشيخوخة البيولوجية بمعدل يصل إلى 2.48 سنة لدى بعض الأشخاص، ما يعني أن أجسادهم تتقدم في السن بشكل أسرع مما هو معتاد، مما يعرضهم لمخاطر صحية ونفسية متعددة؛ تعكس هذه النتائج أهمية إدراك العلاقة بين الحرارة وتقدم العمر على المستوى البيولوجي.

الفئات الأكثر تضررًا وكيف يمكننا مواجهة تسارع الشيخوخة البيولوجية الناتجة عن الحرارة؟

ذكرت الدراسة أن الفئات الأكثر تأثرًا بتسريع الشيخوخة البيولوجية بسبب الحرارة تشمل الرجال، كبار السن، والأشخاص ذوي الدخل المحدود؛ ويرجع ذلك إلى محدودية الوصول إلى وسائل التبريد وعدم القدرة على مواجهة موجات الحر، فضلًا عن تراجع القدرة الطبيعية للجسم على ضبط درجة حرارته مع التقدم في العمر؛ بينما كان تأثير الحرارة أقل وضوحًا بين سكان المناطق الحارة سابقًا، بسبب التكيف المناخي المزمن إلى جانب توفر تقنيات التبريد؛ للتعامل مع هذا الخطر، تتطلب استراتيجيات شاملة ترتكز على:

• توعية الجمهور بأهمية الوقاية من الحرارة وتأثيرها على الشيخوخة البيولوجية
• توسيع نطاق الوصول إلى أجهزة التبريد الملائمة خاصة للفئات الضعيفة
• تطوير أنظمة إنذار مبكر لموجات الحر الشديدة
• تخطيط عمراني يركز على مكافحة آثار تغير المناخ المتسارعة

كما يشدد الباحثون على استمرار الأبحاث لفهم إمكانية عكس التغيرات الجينية الناتجة عن الحرارة، وتأهيل تقنيات حديثة تساهم في إبطاء الشيخوخة البيولوجية، مما يحمي صحة الأجيال القادمة في ظل ارتفاع عالمي غير مسبوق في درجات الحرارة. برغم أن حرارة المناخ قد تبدو مجرد إزعاج صيفي، إلا أنها تمثل خطرًا جينيًا وبيولوجيًا طويل الأمد يجب التعامل معه بجدية ووعي حقيقي لضمان صحة الإنسان في المستقبل.