اكتشاف اليوم.. أشجار التين الكينية تحول ثاني أكسيد الكربون إلى صخور طبيعية بتقنية فريدة

تمتلك أشجار التين في ريف كينيا قدرة فريدة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى كربونات الكالسيوم، ما يجعلها من الكائنات الحية التي تلعب دورًا مهمًا في تخزين الكربون بطرق طبيعية مستدامة. تُظهر هذه الظاهرة الكيميائية كيف يمكن للأشجار أن تساهم في مكافحة تغير المناخ وتغيير التوازن البيئي حولها.

آلية تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كربونات الكالسيوم في أشجار التين

يرصد العلماء أن أشجار التين تستخدم مسارًا كيميائيًا خاصًا لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى كربونات الكالسيوم، حيث تمتص الأشجار الكالسيوم من التربة وثاني أكسيد الكربون من الجو، ثم تقوم بتفاعل كيميائي يعبر فيه ثاني أكسيد الكربون عبر حمض الأوكساليك ليكون أوكسالات الكالسيوم بلورات تتشكل داخل هدب الشجرة. تقوم الميكروبات المحبة للأوكسالات الموجودة على سطح الشجرة أو في تربتها بتحليل هذه البلورات لتشكيل كربونات الكالسيوم الصلبة، التي تعد حجرًا جيريًا يحفظ الكربون لفترات طويلة في التربة والجزء الخشبي للشجرة.

مسار الأوكسالات كربونات ودوره في تعزيز تخزين الكربون النباتي

يحمل مسار الأوكسالات كربونات أهمية في تخزين الكربون بشكل غير عضوي له عمر تخزيني أطول مقارنة بالكربون العضوي المعروف الموجود في النباتات، ويعمل كحاجز بيئي يمنع تأثر النباتات ويزيد من صلابتها. هذا المسار لا يقتصر على تحويل الكربون فقط، بل له جانب في تنظيم تركيز الكالسيوم وحماية الأشجار من الهجمات الخارجية عبر تكوين بلورات أوكسالات الكالسيوم الطويلة والحادة التي تردع الحيوانات المهددة للنبات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العملية تُحدث تغيرات في بيئة التربة المحيطة، مثل رفع درجة قلوية الأرض وتحسين توفر العناصر الغذائية، ما يعكس قدرة الأشجار على إعادة تشكيل بيئتها وفقًا لاحتياجاتها.

تطبيقات الزراعة التكيفية القائمة على مسار الأوكسالات كربونات باستخدام أشجار التين

تشير الأبحاث إلى إمكانية اعتماد هذا المسار لابتكار نظام زراعي تكيفي يعمل على تعزيز امتصاص الكربون وتثبيته في التربة عن طريق تعديل كيمياء التربة وإضافة أشكال معينة من الكالسيوم غير الكربوني، إلى جانب تبني تقنيات الزراعة الحراجية المستدامة لزيادة إمدادات أكاسيد الكالسيوم عن طريق استخدام المواد العضوية. ومع استمرار الدراسات لفهم تفاعل هذا المسار مع ممارسات الإدارة الزراعية المختلفة، يبقى هذا المسار ليس بديلًا للحد من انبعاثات الكربون وإنما مكملاً فاعلًا وواعدًا. وتمتد الاكتشافات إلى نوع “فيكوس واكيفيلدي” الذي برَز كبطل غير متوج في احتجاز الكربون، ما قد يفتح آفاقًا جديدة لتعزيز زراعات مستدامة قادرة على مواجهة التغير المناخي.

يُظهر هذا المسار الحيوي كيف أن أشجار التين ليست مجرد مصادر للثمار أو الأخشاب، وإنما عناصر بيئية تلعب دورًا نشطًا في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مركبات صلبة تحفظ الكربون لفترات طويلة. هذا التفاعل بين النبات والتربة والميكروبات يدل على تعقيد ودهاء الطبيعة في إيجاد حلول بيئية ذكية، ويؤكد أن مستقبلنا الزراعي والبيئي يمكن أن يستند إلى فهم أعمق لهذه الظواهر الكيميائية الطبيعية التي تُعيد تشكيل كيمياء كوكب الأرض.