
البهرة فرقة دينية نشأت في الهند، تعود جذورها إلى العقيدة الإسماعيلية المستعلية التي تفرعت عن الشيعة، وقد انتقلت وانتشرت مع الوقت في العديد من دول العالم، بما فيها مصر، حيث يتميز أتباعها بتقاليد وثقافة دينية غامضة ومحاطة بالتقاليد القديمة، يعتقد أتباع الطائفة بإمامة تمتد جذورها إلى الإمام الطيب بن الآمر، حيث يعيش الإمام المستور بين أوساطهم دون الكشف عن هويته.
طائفة البهرة ونشأتها في الهند
تعود أصول طائفة البهرة إلى الهند، حيث اندمجت التعاليم الإسماعيلية المستعلية مع النسيج الاجتماعي والثقافي للهندوس الذين أسلموا، وتحديدًا في القرن العاشر الهجري، وقد أطلق عليهم اسم “البهرة” المنبثق من لفظ هندي قديم يعني التاجر، انعزلت هذه الطائفة عن السياسة وركزت على التجارة، حيث تميز أتباعها برفاه اقتصادي في مجتمعاتهم، ومع انتشارهم في بلاد العرب مثل اليمن، أصبحوا قوة مذهبية لها خصوصيتها الفريدة.
يرى أتباع طائفة البهرة أن الإمام الطيب بن الآمر دخل الستر منذ القرن السادس الهجري، مرورًا بسلسلة من الأئمة المستورين الذين يُعتقد أنهم سيعودون يوماً من الغياب لإرشاد أتباعهم، وعلى الرغم من الطابع الظاهري لعقيدتهم المتمثل في الالتزام بطقوس تعبدية تقليدية، إلا أن عقيدتهم الباطنية تستند إلى تفسيرات مغايرة تعزز من استقلالهم الديني.
عقائد طائفة البهرة وأقسامها الرئيسية
تنقسم طائفة البهرة إلى فرقتين رئيسيتين، الأولى هي “البهرة الداوودية” التي يعود نسبها إلى قطب شاه داوود، وتنتشر بشكل رئيسي في الهند وباكستان، أما الفرقة الثانية فهي “البهرة السليمانية” نسبة لسليمان بن حسن، وتتمركز في اليمن، يُلاحظ تداخل المعتقدات الإسماعيلية المستعلية والباطنية في عقيدة البهرة، في حين أنهم يظهرون قريبين من عقائد الفرق الإسلامية الأخرى، إلا أن عقيدتهم الباطنية تختلف جذريًا.
مع ذلك، تعتبر العديد من الفتاوى الإسلامية أن طائفة البهرة تنتمي إلى المذاهب الغالية في العقيدة، حيث لا يصلّون في مساجد جماهير المسلمين، بل يتّجهون إلى إمامهم المستور في العبادة، الأمر الذي عرّضهم للانتقاد وخاصة فيما يتعلق بمواقفهم من العبادات الإسلامية مثل الحج، الذي يربطونه بمعانٍ رمزية مختلفة.
وضعية البهرة في مصر وعوامل الاستمرار
رغم التواجد المحدود لطائفة البهرة في مصر، إلا أنهم فشلوا في اكتساب القبول الشعبي بين المصريين، بسبب غلوّهم المذهبي الذي اصطدم بطبيعة التدين المعتدل لدى الشعب المصري، ومع ذلك، ساعدتهم عدة عوامل على الاستمرار، من بينها ارتباطهم العاطفي بمحبة آل البيت، واستقلالهم الاقتصادي الذي جلب لهم الثراء الكبير، فضلاً عن الاضطرار القسري للبقاء في الطائفة دون السماح بالتغيير إلى أي مذهب آخر.
في المجمل، تقدم البهرة نموذجاً فريداً لطائفة دينية تنبعث من التقاليد المذهبية القديمة، لكنها تواصل التأثير في مجتمعاتها من خلال الثراء الثقافي، والاقتصادي أيضاً.