الشيخ محمد حسان يودع الدكتور سعد البريك بعد عمر كامل من العطاء في خدمة الدين

الشيخ محمد حسان ينعى الدكتور سعد البريك الذي أفنى عمره في خدمة الدين، بعد وفاة هذا القامة الدعوية التي تركت إرثًا فكريًا وإنسانيًا خالدًا؛ فقد ودّع العالم الإسلامي الشيخ سعد البريك في الرياض مساء 3 مايو 2025 عن عمر يناهز 62 عامًا، حيث شيّعت جنازته بحضور مهيب من الآلاف من محبيه وتلاميذه من جامع الراجحي، مع ممثلين من مختلف فئات المجتمع الإسلامي الذين شهدوا حياة مليئة بالعطاء والبذل.

الشيخ محمد حسان ينعى الدكتور سعد البريك: قامة دعوية أفنت عمرها في الوسط الدعوي

لا يمكن وصف الشيخ سعد البريك بصانع خطاب ديني فقط، بل كان صوت الحق في ظل تعدد الأصوات المتباينة؛ تميز بأسلوبه الصريح والمؤثر على المنابر وشاشات الإعلام، حيث كان يجمع ببراعة بين الفقه والواقع، الفكر والموقف، العلم والعمل؛ وقد تحدث الشيخ محمد حسان عن الفقيد قائلاً: «العزاء لخسارة رجل أفنى عمره في خدمة الدين ونشر الخير بالحكمة والموعظة الحسنة، صاحب همة عالية وكلمة صادقة وابتسامة مشرقة»، داعيًا الله أن يتغمده برحمته ويجزل له المثوبة في جنات الخلد؛ هذا التقدير الكبير يعكس مكانة سعد البريك في قلوب جمهور الدعوة الإسلامية وفي الوسط الدعوي.

المسيرة التعليمية والدعوية لسعد البريك بين العلم والإعلام

وُلد سعد البريك في الرياض عام 1963، وحصل على الدكتوراه بمرتبة الشرف من كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث تخصص في العقيدة والمذاهب المعاصرة مع أطروحته المعروفة بعنوان “تنصيص اختيارات الإمام الخطَّابي الفقهية”؛ بدأت مسيرته كباحث ومحاضر في كلية المعلمين بقسم الدراسات الإسلامية، ثم تحوّل إلى ساحات الدعوة والإعلام، مستفيدًا من موهبته الخطابية وأسلوبه المباشر في التواصل مع الجمهور، خاصة الشباب، مهتمًا بقضايا الإصلاح الاجتماعي والتوجيه الدعوي.
تميز حضور سعد البريك من خلال برامجه التلفزيونية المعروفة مثل “خذوا عني مناسككم” و”وَثَبَتَ الأجر” و”النجاة” إلى جانب سلسلة “سواعد الإخاء”، التي عالج فيها قضايا المجتمع بحكمة وبلاغة، مع لغة شرعية مبسطة تجمع بين عمق الفقه وسعة الفكر؛ وكان له دور مؤثر في تشكيل وعي الأمة عبر الإعلام الإسلامي.

إرث سعد البريك الفكري والإنساني ودوره في مواجهة الانحرافات الفكرية

لم يكن الشيخ سعد البريك محدودًا بخطابه الدعوي فحسب، بل تعدّت بصمته النشاطات الإنسانية التي شملت دعم الشباب وقضاء حوائج المحتاجين والمشاركة في الحملات الخيرية في السعودية وخارجها؛ كان يرى في الشباب طاقة هائلة تحتاج إلى رعاية وتوجيه، مما جعله قريبًا من قلوبهم وأفكارهم.
تقلد البريك عدة مناصب مهمة منها:

• المشرف العام على المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد في البديعة والصناعية الجديدة بالرياض
• عضو الهيئة الشرعية في الندوة العالمية للشباب الإسلامي
• عضو مجلس أمناء مؤسسة الوقف الإسلامي في السويد
• عضو مجلس أمناء مسجد التوحيد في طوكيو – اليابان
• إمام وخطيب جامع الأمير خالد بن سعود لأكثر من 25 عامًا

وأنتج عددًا من المؤلفات العلمية المؤثرة مثل:

• “الاختيارات الفقهية للإمام الخطَّابي” في ستة مجلدات
• “الإيجاز في بعض ما اختلف فيه الألباني وابن عثيمين وابن باز”
• “فتاوى الفضائيات: الضوابط والآثار”
• بحوث منشورة في مجلات علمية مرموقة وموقعه الإلكتروني

وكان خطابه وسطيًا معتدلاً، استند فيه إلى الفهم العميق للقرآن والسنة، ومتأثرًا بالواقع المعاصر؛ وقف بقوة أمام التيارات الفكرية المنحرفة، ملتزمًا بالمنهج العقلي الرصين والدليل الشرعي، مما جعله ملاذًا آمنًا للعديد من الشباب الباحثين عن الحقيقة السليمة.

حظي نبأ وفاة الشيخ سعد البريك بتفاعل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، مع تغريدات ونعي من كبار العلماء والدعاة الذين أكدوا أن فقدانه يمثل خسارة فادحة للأمة الإسلامية، بينما يستمر إرثه الفكري والدعوي من خلال خطبه ومؤلفاته وبرامجه التي ترسخ معاني الوسطية والإصلاح، وتدافع عن القيم الأصيلة، فتظل ذكرى الدكتور سعد البريك حية في ذاكرة الأمة، مضيئة كأحد أعلام الدعوة الذين صدقوا في سبيل الله فكانوا رجالًا بحق.