الميتفورمين تحت المجهر.. اكتشف طريقة تأثيره الفعلية في خفض سكر الدم

الميتفورمين وآلية خفض سكر الدم عبر تعديل بكتيريا الأمعاء واستخدام الجلوكوز كغذاء

الميتفورمين وآلية خفض سكر الدم تشكل لغزًا كان محط بحث لسنوات طويلة، حيث أظهرت دراسة حديثة أن دواء الميتفورمين لا يكتفي بتأثيره على الكبد فقط، بل يمتد لأمعاء الإنسان، حيث يحول الجلوكوز إلى غذاء للبكتيريا النافعة التي تلعب دورًا جوهريًا في تحسين حساسية الإنسولين والتقليل من الالتهاب المزمن.

الميتفورمين وآلية خفض سكر الدم من خلال تأثيره على بكتيريا الأمعاء

تكشف الأبحاث الحديثة أن الميتفورمين يعمل على تحفيز الجسم لإفراز الجلوكوز من مجرى الدم نحو الأمعاء، الأمر الذي يتيح لبكتيريا الأمعاء النافعة الاستفادة من هذا الجلوكوز وتحويله إلى مركبات كيميائية تساهم في تحسين الحالة الصحية للمرضى المصابين بداء السكري. بذلك، يفتح الميتفورمين آفاقًا جديدة لفهم كيفية خفض سكر الدم بشكل غير مباشر عبر تنشيط الميكروبيوم الموجود في الأمعاء، مقارنةً بالمفهوم القديم الذي كان يركز فقط على الجهاز الكبدي والتمثيل الغذائي للجلوكوز داخل الكبد.

تجارب تفصيلية توضح تأثير الميتفورمين على الجلوكوز والأحماض الدهنية قصيرة السلسلة

استندت الدراسة إلى بيانات خمسة مرضى مصابين بداء السكري، إلى جانب تجارب نقلت إلى الفئران، حيث لاحظ الباحثون أن تناول الميتفورمين أدى إلى تضاعف كمية الجلوكوز التي تفرز في الأمعاء، ما يدل على استخدام الجسم لآليات جديدة للتحكم بنسبة السكر في الدم بعيدًا عن الكبد فقط. عند وصول الجلوكوز إلى الأمعاء، يُحفّز نمو أنواع معينة من البكتيريا التي تنتج أحماضًا دهنية قصيرة السلسلة، وهو نوع من المركبات الحيوية لزيادة فعالية حاجز الأمعاء، تقليل الالتهاب، وتحسين تحسس الخلايا للإنسولين.

  • زيادة إفراز الجلوكوز إلى الأمعاء بفضل الميتفورمين
  • تعزيز نمو البكتيريا النافعة
  • إنتاج أحماض دهنية قصيرة السلسلة وتحسين الحاجز المعوي
  • تخفيض الالتهاب وتحسين حساسية الإنسولين

كيف تم تتبع مسار الجلوكوز في الأمعاء ودور الجلوكوز الثقيل في توضيح آلية الميتفورمين

للوصول إلى فهم أدق لعملية تحويل الجلوكوز داخل الأمعاء، استخدم الباحثون جلوكوزًا معدلًا بنظير ثقيل من الكربون، ما أتاح لهم تتبع حركة هذا العنصر داخل الجسم بفعالية. أشارت النتائج إلى أن بكتيريا الأمعاء استهلكت هذا الجلوكوز المحمل بالنظير الثقيل وحولته إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة، تحمل نفس النظير، مما يمثل دليلاً قاطعًا على مشاركة الميكروبيوم في تأثير الميتفورمين العلاجي. ابتعاد الميتفورمين عن خفض السكر المباشر يعكس استراتيجية جديدة للعلاج تعتمد على تعديل البيئة المعوية بدلاً من التركيز فقط على الكبد وخلايا الجسم التقليدية.

العنصر التأثير بفضل الميتفورمين
كمية الجلوكوز في الأمعاء تضاعفت تقريبًا
نمو بكتيريا الأمعاء النافعة مُحفز بشكل ملحوظ
إنتاج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة ارتفع بشكل واضح

رغم أهمية هذه النتائج، تواجه الدراسة بعض القيود المتمثلة في حجم العينة البشرية الصغيرة التي شملت خمسة أشخاص فقط، بالإضافة إلى تجارب القوارض التي اقتصرت على الذكور، مما يُثير تساؤلات حول تأثير العوامل المختلفة كالنوع والعمر والنظام الغذائي على فعالية علاج الميتفورمين. إضافة إلى ذلك، لم تُثبت حتى الآن التأثيرات الدقيقة لزيادة الأحماض الدهنية المفيدة على صحة الأمعاء بشكل عام.

الدكتور واترو أوغاوا من جامعة كوبي اليابانية، اعترف بضرورة إجراء المزيد من الدراسات الموسعة لتقييم تأثيرات الميتفورمين بدقة أكبر، ويُنتظر أن تؤدي نتائج هذه الأبحاث إلى تطوير علاجات جديدة تركز على تعديل الميكروبيوم المعوي، سواء عبر تعزيز نمو البكتيريا النافعة أو بوسائل دوائية تستهدف هذه المسارات البيولوجية.

الميتفورمين لم يعد دواءً تقليديًا لخفض سكر الدم فحسب، بل تحول إلى مفتاح لفهم العلاقة المعقدة بين الأمعاء والدماغ والهرمونات، ما قد يفتح الباب لثورة علاجية ترتكز على تعديل البيئة المعوية وتحسين التمثيل الغذائي والالتهاب المزمن، ليصبح التحكم في مرض السكري أكثر فعالية وأسهل في الوصول إليه.