«المُشترك الثقافي» بين اليمن والجزائر.. حكاية «حيزية والدودحية» تتجدد في دراسة جديدة

المشترك الثقافي بين اليمن والجزائر يعتبر نافذة ثرية لفهم الترابط الإنساني والتاريخي بين الشعوب العربية، ويتجلى هذا بوضوح في قصتي حيزيّة الهلالية والدودحية الخبانية، حيث تسرد كلتا الحكايتين مآسي اجتماعية وعاطفية متشابهة رغم بُعد الزمان والمكان، كما تلعب الأغاني الشفوية والقصائد دورًا هامًا في نقل هذه القصص وتعزيز قيمها العاطفية في وعي الأجيال، مما يعكس تقاطعًا مثيرًا بين الثقافتين.

العوامل التاريخية خلف القصتين المشتركين

يمكننا أن نرصد كيف أدى السياق التاريخي والمكاني إلى تشكيل هذه القصص المشابهة بين اليمن والجزائر، نشأت قصة حيزيّة الهلالية في بيئة اجتماعية جزائرية كانت تمجد الشجاعة والولاء، فيما ظهرت الدودحية وسط قيم المجتمع القبلي اليمني المؤسسة للكرامة ومكانة المرأة، كلتا الحكايتين تدوران حول المرأة التي كانت ضحية لقوانين اجتماعية صارمة، حيث يعكس الموت المأساوي لكل من حيزيّة والدودحية البيئة المحيطة التي صاغت أقدارهما، هذه الظروف الزمنية والمكانية تعزز فهم الروابط الإنسانية عبر القارات.

القيم المشتركة التي تعكسها القصص

عند استعراض عادة حكي القصص في اليمن والجزائر، نجد تقاطعات عميقة في القيم التي تظهر في تفاصيل القصتين، مثل الشجاعة، التضحية، مكانة القبيلة، وإعلاء كرامة المرأة، نجد هذه القيم، التي تتردد في الأغاني والقصائد، تلعب دورًا كبيرًا في تحديد الهوية الثقافية للمجتمعين، على سبيل المثال، الأغنية الشعبية اليمنية التي تسرد تفاصيل الدودحية، وأغنية “عزوني يا ملاح في رايس البنات” الجزائرية، تعكسان نفس القدر من الألم والفخر الأخلاقي، مما يُبرز انتماءً مشتركًا في ذاكرة الإنسان العربي.

الأداء الشفهي والغنائي كأداة للحفاظ على القصص

إحدى العناصر المميزة للتقاطع بين الثقافتين اليمنية والجزائرية هي الشفاهية والغناء، الارتباط بين الحكايتين بالغناء والقصائد يعكس تطور الأداء الفني كوسيلة للحفاظ على القيم ونقل الذاكرة الأدبية من جيل لآخر، هذا يشمل عناصر موسيقية مثل الألحان والإيقاعات، والتي تحمل بداخلها مشاعر الحزن والفخر والحنين، يُضاف إلى ذلك دور الرواية الشفوية والإنشاد في تثبيت هذه الحكايات داخل الذاكرة الجمعية، فنرى كيف أن الأداء الفني في الحكايتين بات لغة مشتركة تعبر عن القلق الإنساني المشترك بغض النظر عن البعد الجغرافي.

بالتالي، تعد دراسة قصتي حيزيّة والدودحية أداة لفهم أعمق للعلاقات الثقافية بين اليمن والجزائر، فهي تُظهر وحدة المشاعر البشرية وآليات التعبير عنها عبر اللغة والثقافة والغناء، مما يعزز من الشعور بالعروبة والانتماء إلى هوية جامعة، إن هذه الحكايات ليست مجرد قصص من الماضي، بل هي عدسة تُظهر كيف يمكن للثقافة أن تتخطى حدود الزمان والمكان لتوحد الشعوب.