الوذمة.. كيف يكشف التورم الصامت عن مشاكل صحية خطيرة؟

الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل هي حالة طبية تتسبب في تورم واضح بالأطراف أو أجزاء أخرى من الجسم، وخاصة القدمين والساقين والكاحلين، وقد تمتد لتشمل الوجه أو البطن أو اليدين؛ وتظهر عادة عند النساء الحوامل وكبار السن فوق الخامسة والستين. استمرار هذه الوذمة أو زيادة حدتها يشير في كثير من الأحيان إلى مشاكل صحية مثل أمراض القلب أو الكبد أو الكلى، الأمر الذي يستوجب مراجعة طبية دقيقة للكشف عن السبب الأساسي.

أعراض وعلامات الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل

تتميز الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل بتورم ملحوظ في جزء معين من الجسم، يرافقه أحياناً إحساس بشد الجلد وصعوبة في الحركة أو المشي بسبب الانزعاج والامتلاء في المنطقة المتضررة، وقد يتطور الأمر حتى يظهر سعال أو ضيق في التنفس، ما يعزز احتمال وجود اضطراب داخلي أكثر خطورة يستدعي تقييمًا طبيًا شاملاً.

الأسباب والتشخيص الدقيق للوذمة الناتجة عن احتباس السوائل

تتنوع الأسباب المؤدية لظهور الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل، وتشمل عوامل متعددة منها:

  • الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة، حيث تؤدي الجاذبية إلى تراكم السوائل في الأطراف بسبب قلة الحركة.
  • ضعف في وظائف الأوردة مثل الدوالي التي تمنع الصمامات الوريدية من ضخ الدم نحو القلب بكفاءة.
  • مرض عضوي كفشل القلب أو القصور الكلوي أو أمراض الكبد واضطرابات الغدة الدرقية.
  • الأدوية التي تسبب احتباس السوائل كأثر جانبي، مثل أدوية ضغط الدم وبعض المسكنات.
  • سوء التغذية، خاصة الإفراط في تناول الملح الذي يزيد من تجمع السوائل.
  • الحمل، حيث يضغط الرحم على الأوعية الدموية في الجزء السفلي من الجسم مما يعيق تدفق الدم.
  • التحسس، العدوى أو وجود جلطات دموية تعيق الدورة الدموية.

أما التشخيص الدقيق للوذمة الناتجة عن احتباس السوائل فيتم عبر الفحص السريري الذي يكشف شد الجلد أو الانبعاج عند الضغط على المنطقة المتورمة، إلى جانب الفحوصات المختبرية والتصويرية التي تحدد السبب الكامن. تصنف الوذمة حسب درجة عمق الانبعاج وسرعة ارتداد الجلد باستخدام مقياس من أربع درجات لضبط خطة العلاج الملائمة.

علاج الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل ونمط الحياة للسيطرة عليها

يرتكز علاج الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل على تحديد السبب الرئيسي، فمثلاً:

  • في حالة الأمراض الرئوية، ينصح بالإقلاع عن التدخين والمحافظة على صحة الجهاز التنفسي.
  • إذا كان الفشل القلبي هو السبب، يتم تعديل النظام الغذائي والحد من استهلاك السوائل والملح تحت إشراف الطبيب.
  • في حال تورم ناتج عن الأدوية، يُراجع الطبيب نوع العلاج أو جرعته لتقليل الاحتباس.

بالإضافة إلى ذلك، تساهم بعض الإجراءات المنزلية البسيطة في التخفيف من التورم، مثل:

  • رفع الساقين فوق مستوى القلب لتحسين دوران الدم وتسهيل عودة السوائل.
  • المشي وتحريك الجسم بانتظام للحفاظ على تدفق الدم ومنع تجمع السوائل.
  • ارتداء الجوارب أو الأربطة الضاغطة لدعم الأوعية الدموية وتقليل التورم.
  • تقليل استهلاك الملح في النظام الغذائي للحد من احتباس الصوديوم والماء.
  • استخدام مدرات البول تحت وصفة طبية في الحالات التي تستدعي ذلك.

ويُعد اتباع نمط حياة صحي، يشمل تغذية متوازنة وحركة مستمرة، من أهم الخطوات للتحكم في الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل والوقاية من تطورها.

متى يستوجب الأمر مراجعة الطبيب؟

ينبغي التوجه للطبيب فورًا عند ملاحظة:

  • تغير لون الجلد أو ظهور قرح مفتوحة في مناطق التورم.
  • صعوبة في التنفس أو مشكلات في الحركة المصاحبة للتورم.
  • استمرار التورم لأيام دون تحسن أو ازدياد شدته.
  • ألم حاد في الأطراف المتورمة يزداد مع الوقت.

هذه المؤشرات قد تدل على مشكلات صحية تحتاج إلى تدخل طبي عاجل لتجنب المضاعفات.

تُعد الوذمة الناتجة عن احتباس السوائل حالة أكثر تعقيدًا مما يتصور كثيرون، لأنها قد تكون علامة مبكرة على أمراض مزمنة وخطيرة؛ ومع ذلك، فالكثير من حالات الوذمة تزول تلقائيًا إذا تم التعامل معها بشكل صحيح، وأخذ الاحتياطات اللازمة من حيث التغذية الصحية والنشاط البدني المنتظم. المحافظة على الوعي والحرص على نمط حياة متوازن يساعدان بشكل كبير في السيطرة على هذه الحالة وتقليل فرص تطورها.