انطلاقة مستقبلية: كيف ستغير السفن الفضائية الخيالية طرق سفر البشر عبر النجوم؟

أطلق مشروع “هيبريون” في 1 نوفمبر 2024 مسابقة تصميم مبتكرة لسفن فضائية أجيال تمتاز بالقدرة على الوصول إلى النجوم المجاورة، وجاء المشروع مدعومًا بفريق عالمي متعدد التخصصات يضم مهندسين، معماريين، علماء اجتماع، ومخططي مدن، تحت إشراف “مبادرة الدراسات بين النجمية” (i4is) في المملكة المتحدة التي تُكرّس جهودها لاستكشاف الكواكب الخارجية والبشرية المستقبلية.

أفضل تصاميم سفن فضائية أجيال تحقق تكامل هندسي ومعماري متطور

قدمت مئات الفرق العالمية تصاميم مبتكرة لسفن فضائية أجيال تتسم بالاستدامة والقدرة على دعم حياة بشرية مستمرة لقرون، ما مكن لجنة التحكيم في i4is من اختيار أفضل ثلاثة مشاريع تميزت بتكامل فريد بين الهندسة المعمارية، العلوم الاجتماعية، وتفاصيل التصميم الدقيقة؛ حيث ركزت هذه التصاميم على إنشاء مجتمعات مستقرة ومستدامة تلبي الاحتياجات البيئية والإنسانية لسفر طويل في الفضاء.

التحديات التقنية والاجتماعية التي تواجه تصاميم سفن فضائية أجيال

يمثل السفر بين النجوم تحديًا غير مسبوق بسبب المسافات الشاسعة التي تفصل بين الكواكب والنيازك الكونية، بالإضافة إلى التعرض المستمر للإشعاعات الكونية، وصعوبة توفير إمدادات جديدة، بالإضافة إلى الضغوط النفسية للحياة في بيئة مغلقة دون توقف لسنوات عديدة وحتى أجيال. توضح الدراسات أن أقرب نجم إلى الأرض، ألفا قنطورس، يبعد بين 1,000 و81,000 سنة ضوئية باستخدام تقنيات الدفع الحالية، في حين تعتمد بعض المشاريع مثل “بريكثرو ستارشوت” على دفع الليزر لإرسال مركبات خفيفة بسرعة تقترب من سرعة الضوء، ما يجعل فكرة سفن الأجيال واحدة من أكثر الحلول واقعية للمسألة.

مواصفات وتصاميم متميزة لسفن فضائية أجيال قادرة على دعم الحياة البشرية

تضمنت شروط المسابقة ضرورة توفير القدرة على سكن 1,000 ± 500 شخص لقرون طويلة مع توفير جاذبية صناعية عبر أنظمة دورانية، ومجتمع متكامل يلبي الاحتياجات الأساسية، إضافة إلى أنظمة دعم حياة ذاتية تغطي الماء والغذاء وإعادة تدوير النفايات، وآليات للحفاظ على المعرفة والثقافة، وكذلك القدرة على بلوغ سرعة تمثل 10% من سرعة الضوء (0.1c) للوصول إلى كوكب بروكسيما ب خلال 250 سنة.

وقد حصد التصميم الإيطالي “Chrysalis” المركز الأول، وهو عبارة عن بناء أسطواني بطول 58 كم وقطر 6 كم، يزن 2.4 مليار طن، مع نظام دفع قائم على الاندماج النووي المباشر بالهيليوم-3 والديوتيريوم، ويتميز بهيكل دوار يحاكي الجاذبية الأرضية مع مناطق مخصصة للزراعة والسكن والمجتمع، ويحتوي على “قبة كونية” تسمح برؤية النجوم في بيئة ذات جاذبية منخفضة، إضافة إلى نظام دوراني بديل يقلل الاضطرابات.

أما المركز الثاني فكان من نصيب فريق بولندي بتصميم “WFP Extreme” الذي يعتمد على حلقتين دوارتين متضادتين لإنشاء جاذبية صناعية وتقليل تأثير كوريوليس، حيث تبلغ قطر كل حلقة 500 متر وتضم ستة أحياء مع مسارات للمشي ومساحات تواصل، ويشمل قلب السفينة مزرعة مائية ومراكز تحكم تركز على الجوانب الثقافية والروحية، مع أفكار مبتكرة مثل “كبسولة تاكسي” وتصاميم ملابس شخصية لتعزيز الرفاه النفسي.

في المقابل، جاء التصميم الثالث “Systema Stellare Proximum” من كندا، حيث استُخدم كويكب مجوف كسفينة فضائية، مزود بنظام ملاحة يعتمد على الذكاء الاصطناعي الكمي، والدفع النووي النبضي ثم الانتقال إلى الدفع الأيوني، ويتبنى المحاكاة الحيوية لقنديل البحر في دروعه الواقية التي تعتمد على تكنولوجيا ذاتية الإصلاح، كما يحتوي على أنظمة لاستزراع مائي وتحويل النفايات إلى موارد غذائية وبيئية، إضافة إلى الدفاع الليزري ضد النيازك الدقيقة، ويجمع التصميم بين التكنولوجيا المتقدمة والسرد الاجتماعي والثقافي.

حصلت مشاركات أخرى على إشادات خاصة بفضل تميزها في مجالات مثل التنمية المستدامة، الابتكار التقني، والجوانب النفسية والاجتماعية، مما يعكس جدية ومسؤولية تطوير تصاميم سفن فضائية أجيال تضمن استمرار الحياة البشرية بين النجوم وتنقل الحضارة إلى الأمام.