انطلاق أكاديمية سعودية لاكتشاف المواهب الثقافية في التعليم العام 2025

الصناعة السينمائية المصرية خلال خطة قومية لإحياء وتنشيط قطاع السينما

أُعلنت وزارة الثقافة المصرية عن خطة قومية لإحياء صناعة السينما، تركز على تطوير الأصول السينمائية المملوكة للدولة وتحويلها إلى مراكز إنتاج حديثة تواكب التطورات المعاصرة، مع الحفاظ على التراث السينمائي وتقديمه للأجيال الجديدة بصيغ رقمية تحفظ قيمته التاريخية والفنية، مما يعكس اهتمام الدولة بتعزيز مكانة السينما كقطاع حيوي.

خطة إحياء صناعة السينما وتطوير البنية التحتية للقطاع

تقوم خطة إحياء صناعة السينما على ثلاثة محاور استراتيجية، أهمها تحديث البنية التحتية للاستديوهات ودور العرض السينمائية، إلى جانب إعادة تشغيل الأصول المتوقفة عن العمل لتعظيم الاستفادة الاقتصادية، مع تأسيس كيان إنتاجي وطني محترف يقدم خدمات متكاملة للمبدعين والمستثمرين. وقد أسند وزير الثقافة هذه المهام إلى الشركة القابضة للاستثمار في المجالات الثقافية والسينمائية لتنفيذ تحديث شامل لمدينة السينما واستديوهي “الأهرام” و”نحاس”، مع تزويدها بأحدث تقنيات ما بعد الإنتاج، مثل تصحيح الألوان، المكساج، أنظمة الحريق، وأنظمة التكييف، بالإضافة إلى تطوير البلاتوهات ودور العرض الشهيرة، منها “ميامي” و”ديانا” و”نورماندي”.

وتشمل عمليات التطوير تحديث معدات الترميم السينمائية، حيث أتمت الشركة القابضة تعاونها مع مركز ترميم التراث السمعي والبصري بمدينة الإنتاج الإعلامي لترميم 19 فيلمًا كلاسيكيًا وتحويلها إلى نسخ رقمية، مثل أفلام “الزوجة الثانية”، “الحرام”، و”السمان والخريف”. كما تخطط الشركة لتنظيم مهرجان خاص لعرض هذه الأفلام المرممة عبر عروض جماهيرية، بمشاركة نقاد وكتاب وفنانين لتعزيز تجربة المشاهدة وإعادة تسليط الضوء على التراث السينمائي الثري.

أهمية تأسيس كيان إنتاجي محترف ودوره في دعم صناعة السينما

يرى المخرج هاني لاشين، عضو لجنة السينما بوزارة الثقافة، أن خطة إحياء صناعة السينما تمثل خطوة مهمة تدعم الصناعة الوطنية، ويشدد على ضرورة تطوير الأفكار ونظرة مختلفة لفن السينما حتى تعود إلى دورها كركيزة أساسية في الدخل القومي. ويؤكد لاشين أن إنشاء كيان إنتاجي محترف يجب أن يعمل “خارج الصندوق”، ويركز على دعم السينمائيين الشباب المبدعين القادرين على مواكبة التغيرات السينمائية دون أن يكون النجاح التجاري هو الهم الوحيد، بل يتطلب الجمع بين عشاق السينما الحقيقيين الذين يسعون لتغيير وجدان الجمهور عبر المحتوى الأصيل.

وتشمل أهمية الكيان الإنتاجي:

• توفير منصة متكاملة للإبداع والدعم المالي والتقني
• تشجيع إنتاج أفلام ذات مضامين تلبي طموحات الأجيال الجديدة وتعكس الحالة الاجتماعية الراهنة
• إعادة ترتيب أولويات المحتوى بعيدًا عن التركيز على العائد التجاري فقط

كما أبرزت الناقدة خيرية البشلاوي ضرورة تخصيص ميزانية كافية لتنفيذ هذه الخطة الطموحة، باعتبار أن السينما تمثل قوة ناعمة في مواجهة التيارات الرجعية، ولها دور مركزي في تغيير المفاهيم وزرع وعي جديد، موضحة أهمية اختيار قيادات قادرة على اختيار أعمال سينمائية ترفع الوعي الجماهيري بشكل فعّال.

المطالب النقدية والتطلعات المستقبلية لإعادة بناء صناعة السينما

رحب الناقد السينمائي رامي المتولي بالبيان، معتبراً أنه جاء متأخرًا، وشدّد على أن وجود دور الدولة في صناعة السينما ضروري لتنظيم إنتاج الأفلام الفنية التي تسهم في اكتشافات نوعية وسط سيطرة الإنتاج التجاري. وأكد المتولي على أهمية إعادة تأهيل الاستديوهات وتأسيس الكيان الإنتاجي، معتبرًاهما المفتاحان الأساسيان لإحياء القطاع. وأشار إلى ضرورة ترميم كلاسيكيات السينما المصرية للمحافظة على تاريخ السينما العريق، كما رحب بفكرة تنظيم عروض جماهيرية للأفلام المرممة.

وقد اقترح المتولي كذلك دمج الأفلام الوثائقية الموجودة بأرشيف المركز القومي للسينما ضمن مثل هذه العروض، والتعاون مع الهيئة العامة للاستعلامات، التي تملك مجموعة من الأفلام الوثائقية ذات القيمة التراثية، لضمان إثراء المحتوى وحضور أعمق في المشهد الثقافي.

يؤكد هذا التوجه أن وزارة الثقافة المصرية تسعى لإحياء صناعة السينما بشكل مستدام، بحيث تجمع بين التراث الذي يشكل هويتنا الفنية والتكنولوجيات الحديثة التي تفتح آفاقًا جديدة للإبداع والإنتاج. ومع دعم الدولة والمبدعين الشباب، ينتظر أن تتحول صناعة السينما إلى مصدر رئيسي ليس فقط للترفيه، بل أيضًا لطرح قضايا اجتماعية وثقافية تعكس آمال وطموحات المجتمع المصري.