انفجار كوني هائل بعد ابتلاع نجم من قبل ثقب أسود.. كيف رصدت ناسا اللحظة المذهلة؟

نجح علماء الفلك في رصد ظاهرة فريدة تتمثل في اعتقادهم بمشاهدة ثقب أسود متوسط الكتلة يقوم بتمزيق نجم بعيد، حيث وثّقوا هذا الحدث النادر من خلال محاكاة حاسوبية مذهلة تُبرز لحظة التهام النجم وسط ومضة ضوئية قوية. هذا الاكتشاف يسلط الضوء على أهمية البحث في الثقوب السوداء متوسطة الكتلة ودورها في فهم تطور الكون.

تعريف الثقب الأسود متوسط الكتلة ودوره في الفضاء

الثقوب السوداء تختلف بشكل كبير في الأحجام والكتل، فمنها الصغيرة التي تقل كتلتها عن كتلة الشمس، ومنها الضخمة التي تتجاوز كتلة الشمس بأكثر من 40 مليار مرة، بينما تقع الثقوب السوداء متوسطة الكتلة في فئة أقل فهماً وأندر من غيرها، حيث تتراوح كتلتها بين 100 و100 ألف ضعف كتلة الشمس حسب الدراسات الحديثة. يصعب كشف هذه الثقوب لأنها لا تُصدر طاقة نفاثة هائلة، كما أنها لا تستطيع ربط المجرات كما تفعل الثقوب العملاقة، لذا يُنظر إليها على أنها الحلقة المفقودة لفهم كيفية تشكل وتطور الثقوب السوداء ضمن الكون الشاسع. فقد أعلن فريق بحثي في مجلة The Astrophysical Journal اكتشاف ثقب أسود من هذه الفئة يُعرف باسم HLX-1، ويتواجد هذا الجسم على مسافة تزيد على 450 مليون سنة ضوئية من الأرض، ويبعد حوالي 40 ألف سنة ضوئية عن مركز مجرته.

رصد تمزق نجم بواسطة الثقب الأسود متوسط الكتلة وتأثيره الضوئي

بدأ العلماء بتحليل بيانات مسجلة من تلسكوب هابل الفضائي ومراصد الأشعة السينية مثل شاندرا، حيث لاحظوا ومضة ضوئية شديدة السطوع تشير إلى ابتلاع ثقب أسود متوسط الكتلة لنجم قريب منه، وتمكنوا من إعادة تمثيل هذه اللحظة باستخدام محاكاة حاسوبية دقيقة أظهرت تحويل النجم إلى خيوط مادية ضمن ما يُعرف بتحول الإسباجيتي، ما يُثري فهمنا لهذه الظاهرة الكونية النادرة. تعكس هذه المشاهدات أثر التفاعل بين الثقب الأسود المتوسط الكتلة والنجم مباشرةً، ما يتيح فرصة غير مسبوقة لدراسة سلوك هذه الثقوب خلال عمليات التهام النجوم.

تطور رصد الضوء في الثقب الأسود متوسط الكتلة HLX-1 ومدى التحديات

تلقي الضوء الصادر عن الثقب الأسود متوسط الكتلة HLX-1 أول اهتمام بين عامي 2009 و2012 بعدما رُصد عبر تلسكوب شاندرا وتحديدا خلال ذروة نشاطه في 2012، إلا أن الضوء بدأ يتناقص تدريجياً بمرور الوقت، ما يدعم فرضية حدوث تمزق نجم حقيقي. مع ذلك، تبقى هناك احتمالات متباينة تفترض أن هذا الضوء قد يكون ناتجاً عن المواد الغازية المتراكمة في قرص التراكم المحيط بالثقب بدلاً من تمزيق نجم بالكامل. لذلك، يُعد متابعة استمرارية وَميض الضوء وسلوكه من الأدوات الأساسية لتأكيد طبيعة هذا الثقب الأسود متوسط الكتلة، وهي خطوة مهمة لتوضيح طبيعة المصادر الضوئية المرتبطة بهذه الثقوب.

لماذا يشكل الثقب الأسود متوسط الكتلة محط اهتمام علماء الفلك؟

وفقاً للدكتور يي-تشي تشانغ من جامعة تسينغ هوا الوطنية في تايوان، تمثل الثقوب السوداء متوسطة الكتلة جسراً هاماً بين الثقوب السوداء النجمية الصغيرة والثقوب العملاقة التي تربط المجرات، حيث تُعتبر هذه الثقوب بداية لتشكل الكتل الأكبر تدريجياً نتيجة انهيار نجوم ضخمة وتطورها على مدى مليارات السنين. تتجمع هذه الثقوب غالباً في أطراف المجرات، كما هو الحال مع HLX-1، ما يجعل دراستها أمراً ضرورياً لفهم مراحل نمو الثقوب الكبيرة وتأثيرها على بنية المجرات. ومع توفر أدوات رصد حديثة مثل تلسكوب جيمس ويب ومرصد فيرا سي، يتطلع العلماء الى رصد المزيد من أحداث التمزق النجمي التي تساهم في تحديد مكان وجود هذه الثقوب المتوسطة والكشف عن المزيد من أسرارها في أعماق الكون.

الأداة نوع البيانات دور في رصد الثقب الأسود
تلسكوب هابل الفضائي صور ضوئية عالية الدقة رصد ومضة التهام النجم
مرصد شاندرا للأشعة السينية أشعة سينية كشف ومضة الضوء وتتبّع نشاط الثقب
تلسكوب جيمس ويب طيف الأشعة تحت الحمراء تتبع تطورات الأحداث الفضائية المرتبطة بالثقوب السوداء
مرصد فيرا سي بيانات متعددة الأطوال الموجية تعزيز دقة رصد الثقوب السوداء متوسطة الكتلة