انهيار تدريجي في قيمة الدولار يثير تساؤلات حول مصير هيمنته العالمية: هل يتراجع أم يستعيد قوته؟

انخفض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي مؤخراً بشكل واضح، إلا أن هذا التراجع لم ينبع من خطة اقتصادية متكاملة، بل كان نتيجة تفاعل السوق مع عوامل العرض والطلب وسط نقص حاد في السيولة بالدينار. هذا التغير يعكس واقعاً اقتصادياً مشوشاً أكثر مما يشير إلى تحسن مالي مستدام.

العوامل المؤثرة على تراجع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي

شهدت الفترة الأخيرة إجراءات أمريكية مشددة للحد من تهريب الدولار إلى الخارج، ما أدى إلى انخفاض سعر الصرف من نحو 153,000 دينار لكل 100 دولار؛ إذ كانت هذه القيود أولى بوادر الانخفاض، وهي تعبر بشكل مباشر عن تأثير العوامل الخارجية على السوق العراقية. بالموازاة، تسبب تأخر الحكومة في رفع جداول الإنفاق العام إلى البرلمان والإخفاق في تأمين الموازنة في شلل جزئي بصرف مستحقات القطاع الخاص وأصحاب رؤوس الأموال؛ ما أدى إلى انكماش السيولة المحلية بشكل ملحوظ، وهنا تجلى تأثير نقص عرض الدينار على سعر صرف الدولار وحجم الطلب عليه.

تأثير البيئة الإقليمية والتغيرات السياسية على سعر صرف الدولار والدينار

لعبت التطورات السياسية في سوريا ولبنان دوراً محورياً في تقليص تدفقات الدولار العراقي إلى تلك الأسواق، فعلى الرغم من أهمية السوق العراقية إلّا أن التغيرات الإقليمية حدت من نفوذ العملة الأجنبية القادمة إلى تلك المناطق. إضافة إلى ذلك، أدت الإجراءات الحكومية الجديدة مثل الاستقطاع الجمركي الذي بدأ تطبيقه من يونيو إلى تقليل أنشطة الاستيراد، حيث لجأ التجار لتخفيف الأعباء المالية، ما أثر سلباً على حجم الطلب على الدولار في السوق المحلية، وبالتالي على سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي.

الضعف المستمر في الثقة بالنظام المصرفي وأثره على استقرار سعر صرف الدولار

على الرغم من المؤثرات الإيجابية الظاهرة، تظل الثقة محدودة في المؤسسات المالية العراقية؛ فالكثير من المواطنين يفضلون الاحتفاظ بالنقد خارج النظام المصرفي، خصوصاً بعد الصدمات التي شهدتها أسعار الصرف في فترة حكومة الكاظمي. هذا التوجه يخلق حالة من التردد وعدم الاستقرار لأسعار الدولار، ويمنع السوق من التفاعل إيجابياً مع انخفاض السعر. إضافة إلى ذلك، بالرغم من تراجع سعر صرف الدولار، لم تنخفض أسعار السلع المستوردة بل شهدت ارتفاعات غير مبررة، ما يعكس تحفّظ حائزي الدولار وعدم انتقال التأثير بشكل مباشر إلى السوق المحلية.

العوامل التأثير على سعر صرف الدولار مقابل الدينار
الإجراءات الأمريكية لتحجيم تهريب الدولار خفض السعر من 153,000 دينار لكل 100 دولار
تأخر الحكومة في صرف مستحقات الجهات المختلفة انكماش السيولة في السوق المحلية
التغيرات السياسية في سوريا ولبنان تقليص تدفق الدولار للعراق والمنطقة
فرض الاستقطاع الجمركي الجديد انخفاض حجم استيراد السلع الأجنبية
انعدام الثقة بالنظام المصرفي تكديس نقدي وعدم استقرار السعر

في ظل هذه المعطيات، يبقى تراجع سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي مؤقتاً ويتفاعل مع تقلبات السيولة والطلب، بعيداً عن أية مؤشرات اقتصادية صلبة تثبت تحوّلاً حقيقياً في السوق. وعليه، فإن عودة تحسن الإنفاق الحكومي أو ضخ سيولة جديدة قد تثير ارتفاعاً سريعاً في أسعار الدولار، مما يعكس هشاشة استقرار السوق وجاهزيته لتقلبات جديدة، خصوصاً بغياب الثقة الكاملة في النظام المالي المحلي.