
تتعالى التوترات بين الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية في ضوء تصاعد الصراع الذي بات يشهد أبعادًا خطيرة قد تنعكس سلبًا على الساحة اليمنية المعقدة، فالخسائر التي يدعي الحوثيون إلحاقها بأمريكا ليست سوى محفز للكارثة، إذ إن أي محاولة لإلحاق ضرر بقوة عظمى كأمريكا ستواجه برد عسكري ساحق ومؤكد سيزيد من تدهور الوضع الإنساني والمعيشي في اليمن.
خسائر تكتيكية مقابل القوة الساحقة
تعتمد المواجهات الحالية بين الحوثيين وأمريكا على مبدأ الفجوة الكبيرة في ميزان القوى، فإلحاق أي خسائر تكتيكية بأمريكا، كإسقاط طائرة أو تعطيل معدات عسكرية، لن يحقق نجاحًا استراتيجيًا بل العكس تمامًا، بل سيعطي أمريكا مبررًا لتوجيه ضربة قاضية، ما يزيد من احتمالية تدمير البنية التحتية لليمن ومعاناة المدنيين، فالولايات المتحدة تمتلك القدرة على تعبئة موارد هائلة وتوجيهها لاسترجاع زمام المبادرة بشكل ساحق وتنفيذ ضربات ذات تأثير مدمر.
تداعيات الغارات الأمريكية على اليمن
إذا قررت الولايات المتحدة الانتقام من الخطوات الحوثية، فإن أضرارًا كارثية ستلحق باليمن، إذ أن اليمن يعاني بالفعل من ضعف كبير في البنية التحتية وانتشار الفقر والمجاعة؛ ففي حال قررت أمريكا استخدام أسلحة أكثر فتكًا أو تنفيذ غارات مكثفة، ستزداد الخسائر المادية والبشرية بشكل كبير، فمن المعروف أن واشنطن تتعامل بشدة مع الأطراف التي ترى أنها تهدد مصالحها، ما سيؤدي إلى تصعيد غير مسبوق قد يدفع الثمن فيه اليمنيون المدنيون، وليس القيادة الحوثية التي تتقن فنون الاختباء والهروب.
عبدالملك الحوثي بين الإصرار والتحدي
عبدالملك الحوثي وقادة جماعته يبدون وكأنهم يحتفلون بما يزعمون أنه انتصارات على أمريكا، لكن الحقيقة التي يجب أن يفهموها هي أن كل خطوة من هذا النوع تعني تعجيل نهايتهم، فالمعادلة واضحة، كلما زادت استفزازات الطرف الأضعف، زادت حدة الرد من الطرف الأقوى، فالولايات المتحدة لن تتوانى عن استخدام كل الوسائل للرد، بما في ذلك استهداف القيادات الحوثية بشكل مباشر أو تنفيذ عمليات استخبارية لتصفية الصف القيادي، ومع ذلك فإن عبد الملك الحوثي والصف الأول داخل الحركة يعرفون تمامًا أن المواجهة المباشرة ليست خيارهم، لذا يعتمدون منذ زمن على التخفي والاحتماء بمخابئ سرية.
أما الشعب اليمني، فهو للأسف الضحية الأولى لأي تصعيد، فالحوثيون بمغامراتهم العبثية يدفعون اليمن نحو كارثة أكبر من كل ما مر به خلال السنوات الماضية، ومن هنا يمكن القول إن إنهاء هذا الصراع يتطلب وعي القيادة الحوثية بحجم المخاطر التي يجرون بها اليمن، بدلًا من السير في طريق لن يجلب سوى الدمار والمعاناة.