تدهور ليبيا يتصاعد منذ 2011… ما الأسباب وما الخطوات المقبلة؟

تشهد ليبيا مسارًا مستمرًا من التدهور السياسي والأمني منذ 2011، حيث يعاني مؤشر السلام الليبي من تدهور ملحوظ مستمر على مدار أكثر من عقد، بحسب ما أكدت الباحثة الأمريكية في معهد الاقتصاد والسلام الدولي، جوليا فنغلر. فقد خلف سقوط النظام ثغرة واسعة في السلطة، سمحت بتصاعد التنافس بين الميليشيات والفصائل القبلية والسياسية، مما أدى إلى انخفاض كبير في الاستقرار الداخلي.

تدهور مؤشر السلام الليبي وأسبابه الرئيسية

توضح فنغلر أن فراغ السلطة بعد الثورة فتح الباب لنشاط متزايد للميليشيات والفصائل المختلفة، ما أسهم في تفاقم الأوضاع الأمنية والسياسية؛ إذ تسبب في صراعات متكررة دمرت البنية الاجتماعية والسياسية تدريجيًا. وتشير إلى أن تصاعد العمليات الإرهابية والعنف المتواصل أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات السنوية، التي تجاوزت متوسط 1100 حالة سنويًا منذ عام 2012 وحتى نهاية العشرية الماضية، وهو ما يعكس عمق الأزمة الإنسانية والأمنية في البلاد.

أهمية الانتخابات في استقرار الأوضاع الليبية وتأثير غيابها

أكد تقرير معهد الاقتصاد والسلام أن غياب الانتخابات في عام 2021 كان له أثر بالغ في تعميق حالة عدم اليقين السياسي التي تعيشها ليبيا؛ إذ أدى ذلك إلى تعثر جهود بناء مؤسسات دولة قوية ومتجانسة، ما زاد من تعقيد المشهد السياسي. وأوضحت فنغلر أن استمرار تأجيل الانتخابات يغذي حالة التوتر ويُضعف فرص تحقيق الوحدة الوطنية التي تُعتبر حجر الزاوية لأي استقرار مستدام في البلاد.

خطوات ضرورية لتحقيق الوحدة الوطنية في ليبيا

تدعو الباحثة الأمريكية إلى ضرورة اتخاذ خطوات واضحة ومتسقة نحو الوحدة الوطنية في ليبيا، محذرةً من أن استمرار الانقسامات السياسية وتشتت الحكم يجعل البلاد عرضة لموجات جديدة من العنف وعدم الاستقرار. وتشمل هذه الخطوات:

  • إجراء انتخابات نزيهة وشفافة تعزز الثقة بين الليبيين
  • دمج الميليشيات ضمن إطار الدولة لتقليل الصراعات المسلحة
  • تعزيز الحوار بين الفصائل المختلفة لإيجاد حلول توافقية شاملة
  • تطوير مؤسسات الدولة لضمان حكم رشيد يمهد للاستقرار طويل الأمد

تشير الأوضاع الراهنة إلى أن ليبيا ما زالت تمر بمرحلة دقيقة يتداخل فيها التفكك السياسي مع التحديات الأمنية المعقدة؛ وهو ما يجعل مؤشر السلام الليبي يتراجع باستمرار، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي والتنمية المستدامة في البلاد.