تصاعد خطر اجتثاث الإسلام في الهند.. ماذا تنتظر الهوية؟

الهند على مفترق الهوية.. خطر اجتثاث الإسلام يتصاعد بمشروع منظم يستهدف الهوية الإسلامية التي تعيش في شبه القارة منذ أكثر من 1300 عام، عبر مؤسسات التعليم، القضاء، الإعلام، والشوارع، بهدف إعادة تشكيل الوجه الحضاري للهند؛ هل ستواجه البلاد اندثاراً لحضارة عريقة كما حدث في الأندلس؟

جذور الصراع على الهوية الإسلامية في الهند من ثورة 1857 إلى زمن مودي

يرجع أصل الصراع على الهوية الإسلامية في الهند إلى عقب فشل ثورة 1857 التي قادها المسلمون ضد الاستعمار البريطاني، إذ تم تفكيك المؤسسات الإسلامية، ومصادرة الأوقاف، وإقصاء المجتمع الإسلامي من الحكم ومفاصل الدولة؛ لكن تصاعد الخطر الحقيقي ارتبط بظهور حزب بهاراتيا جاناتا الوطني بزعامة ناريندرا مودي، الذي تبنى خطاباً دينياً لإنشاء مشروع “الهند الهندوسية”، مستهدفاً القضاء على التنوع الديني والثقافي المتجذر في البلاد. يُعد هذا المشروع محور تحولات خطيرة تهدد هوية المسلمين في الهند وتطرح تساؤلات حول استمرارية وجودهم الحضاري.

مشروع الهند الهندوسية وتأثيره على الهوية الإسلامية وأدوات الإقصاء المتبعة

الخطر الذي يهدد الهوية الإسلامية في الهند لا يقتصر على تمييز عابر، بل يتجسد في خطة ممنهجة لإقصاء المسلمين من الحياة الوطنية عبر عوامل متعددة، منها:

  • القوانين الإقصائية، مثل قانون الجنسية المثير للجدل الذي يحرم المسلمين من حقوق المواطنة الأساسية
  • تحريف المناهج التعليمية لإزالة المساهمات الإسلامية وترسيخ السردية الهندوسية فقط في التاريخ
  • الاعتداءات على الرموز الدينية، أبرزها قضية هدم مسجد بابري وتهديد مواقع أخرى كمسجد غيانفابي
  • التحريض الإعلامي الذي يصور المسلمين كتهديد أمني وصحي ووطني
  • المقاطعة الاقتصادية التي تهدف لمنع مشاركة المسلمين في الأسواق والفعاليات
  • العنف المنظم، كما تجلى في مذابح غوجارات عام 2002 بدعم غير مباشر من السلطات

هذه الأدوات تجتمع لتشكل خطراً حقيقياً على الهوية الإسلامية في الهند، وتضع المجتمع المسلم أمام تحدٍ وجودي يتطلب بناء استراتيجية مواجهة شاملة.

هل تغدو الهند نسخة جديدة من الأندلس؟ مواجهة الخطر وحتمية صياغة استراتيجية دفاع حضارية

حذر الدكتور ظفر الإسلام خان من أن الهند قد تسير في مسار مكرر لحادثة الأندلس التي بدأت بهجوم ثقافي تدريجي ثم تصاعد إلى مذابح وتشريد قسري؛ إذ تشهد الهند اليوم مظاهر تهميش اللغة الإسلامية، وتصفيّة الرموز الدينية، وتشويه الهوية التاريخية للمسلمين. في مواجهة هذا المشروع الوطني الهندوسي، تفرض الضرورة بناء استراتيجية مقاومة تتضمن:

  • إيقاظ الوعي الجماعي داخل المجتمع المسلم للحفاظ على الهوية
  • تعزيز الجهود القانونية والحقوقية لتسليط الضوء على الانتهاكات على المستويين المحلي والدولي
  • تنشيط الإعلام الإسلامي الوطني للدفاع عن الرواية التاريخية والحالية
  • التمسك بالهوية الإسلامية، والحفاظ على اللغة إلى جانب التعليم الديني
  • التحالف مع الأقليات الأخرى لبناء جبهة دفاعية قوية تحمي التعددية
  • تفعيل الضغوط الدولية عبر الجاليات ومنظمات حقوق الإنسان
  • إعداد جيل جديد واعٍ ومثقف قادر على قيادة المواجهة الحضارية
العوامل المؤثرة التداعيات المحتملة
القوانين الإقصائية حرمان المسلمين من الحقوق المدنية والسياسية
تحريف التعليم والتاريخ فقدان الهوية الثقافية والتاريخية للمسلمين
الاعتداء على الرموز الدينية زعزعة الاستقرار المجتمعي وزيادة التوترات الطائفية

المواجهة الحضارية الشاملة لا بد أن ترتكز على إرادة موحدة واستراتيجيات متكاملة تحفظ حقوق المسلمين وتدافع عن التنوع الثقافي، إذ تتصارع اليوم في الهند قضية الوجود والهويّة.

الهند لم تفقد هويتها أو تنوعها بعد؛ بل المعركة مستمرة، والتاريخ ينتظر قرارات اليوم التي ستحدد مستقبل ملايين المسلمين الذين يواجهون تحدياً وجودياً لا يقل عن الصراعات التاريخية الكبرى؛ الاستمرار في التمسك بالهوية الإسلامية والعمل على بناء استراتيجية متكاملة هو السبيل الوحيد لتجنب السقوط في فخ الاجتثاث الثقافي والحضاري، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان أن سقوط الأندلس لم يحدث بين ليلة وضحاها.