
اقتراب عيد الأضحى المبارك يدفع المسلمين للتفكير في أداء شعيرة الأضحية التي تعزز معاني التكافل والتراحم داخل المجتمع، وبينما تزداد التكاليف يومًا بعد يوم، قد يلجأ البعض إلى الاقتراض من أجل تلبية هذه الشعيرة المباركة، وهنا يثور التساؤل حول توافق ذلك مع أحكام الشريعة الإسلامية، هل يجوز الاقتراض لشراء الأضحية؟ تتناول دار الإفتاء هذا الموضوع بالتفصيل لتوضيح الرأي الشرعي والشروط الواجب مراعاتها.
حكم الاقتراض لشراء أضحية عيد الأضحى
أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الأضحية سنة مؤكدة للمستطيع، وهي من الشعائر التي تهدف إلى إدخال البهجة على القلوب، لذا، يُفضل أن يؤديها المسلم إن كان قادرًا ماديًا، ولكن ماذا إذا لم تتوافر الإمكانيات المالية وتطلب الأمر الاستدانة؟ في هذه الحالة، أوضحت الإفتاء أن الأصل هو عدم الاقتراض، إلا إذا كان الشخص واثقًا من القدرة التامة على السداد دون أن يتسبب ذلك في أزمات له أو لأسرته، أما إذا كان هناك شك في القدرة على الوفاء بالدين، فلا يُنصح باللجوء إلى هذا الخيار.
وأشارت الإفتاء إلى أن الأضحية تكون صحيحة في حالة شراء الأضحية بمال مقترض طالما تحقق شرط القدرة على السداد، مؤكدة ضرورة الالتزام بالمسؤولية المالية لتجنب الوقوع في الحرج أو الأزمات.
رأي الفقهاء حول الاقتراض للأضحية
الفقهاء اختلفوا في تفسير القدرة المالية والضرر المترتب على الاستدانة لتأدية الأضحية، حيث يرى الحنفية أن المقتدر ماليًا هو من يمتلك ما يعادل نصاب الزكاة زائدًا على حاجاته الأساسية، في حين اشترط المالكية عدم إلحاق الأذى أو الإجحاف بالوضع المادي للمضحي في حال الاقتراض، بينما اتفق الشافعية على ضرورة أن تكون الأضحية زائدة على الحاجات المعيشية الأساسية خلال فترة العيد. أكدت هذه الآراء ضرورة استشارة أهل العلم عند اتخاذ قرار الاستدانة.
إرشادات دار الإفتاء للمقترضين لشراء الأضحية
نشير إلى أن دار الإفتاء شددت في بيانها على أهمية التخطيط المالي بحكمة عند اتخاذ مثل هذا القرار، حيث يجب عدم المجازفة بالاقتراض إذا كان هناك شك في القدرة على الوفاء بالدين، كما بيّنت الأحاديث النبوية التي تشير إلى ضرورة تجنب الديون إلا للضرورة القصوى مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْكُفْرِ وَالدَّيْنِ»، ويجب أن يتحلى المسلم بالحكمة وعدم تحمل أعباء مادية تفوق طاقته.
باختصار، يجوز الاقتراض لشراء الأضحية إذا كان المقترض واثقًا من قدرته على سداد الدين، مع الالتزام بما أقرته الشريعة الإسلامية من ضوابط، مما يُبرز أهم معاني التوازن بين أداء الشعائر والمسؤولية المالية، مع الأخذ بآراء الفقهاء لتوضيح الموقف الشرعي بكل شفافية.