«حوافز مشجعة» بعد انتهاء مدة التسهيلات الضريبية خبراء يطالبون بحوافز للممولين الملتزمين

انتهت التسهيلات الضريبية التي شهدتها مصر مؤخراً، والتي مثلت تحوّلاً إيجابياً في السياسات الضريبية من مجرد جباية إلى دعم الاستثمار وزيادة الإنتاج، الأمر الذي عانى منه قطاع واسع من الشركات خارج المنظومة الرسمية وأصحاب المنازعات الضريبية؛ لذلك يطالب خبراء الضرائب بحوافز جديدة للممولين الملتزمين بهدف تعزيز الامتثال الضريبي وتحفيز الالتزام الطوعي.

التسهيلات الضريبية ودورها في دعم الاستثمار وزيادة الامتثال الضريبي

أوضح مؤسس جمعية خبراء الضرائب المصرية، أشرف عبدالغني، أن التسهيلات الضريبية التي انتهت اليوم الثلاثاء شكلت خطوة جذرية نحو تبسيط الإجراءات الضريبية وخفض الأعباء المالية على الشركات، لا سيما الصغيرة والمتوسطة منها؛ حيث ارتفعت إيرادات الضرائب خلال 11 شهراً من يوليو حتى مايو إلى 1.9 تريليون جنيه، محققة نموًا بنسبة 35.7% دون فرض أعباء ضريبية إضافية؛ وهو ما يعكس نجاح المنظومة الإلكترونية والسياسات الحديثة في تشجيع الاستثمار.

تسعى التسهيلات الضريبية وفقًا للقانون رقم 5 لسنة 2025 إلى تعزيز الشفافية وتحقيق العدالة الضريبية، بالإضافة إلى تحفيز الشركات على الانضمام إلى المنظومة الرسمية والامتثال الطوعي، مما يسهم في خلق بيئة استثمارية مستقرة. لكن رغم الفوائد الكبيرة لهذه التسهيلات، لا يزال هناك قطاع مهم يستحق المزيد من الدعم ويشكل 87% من إجمالي إيرادات الضرائب في مصر، وهم الممولون الملتزمون الذين لم يستفيدوا من التسهيلات السابقة.

حوافز الممولين الملتزمين وأهميتها في تعزيز الالتزام الضريبي

يشدد خبراء الضرائب على ضرورة منح حوافز متكاملة للممولين الملتزمين لتعزيز الانضباط الضريبي وتحفيزهم على الاستمرار في التزامهم؛ وتشمل هذه الحوافز توجيه خطابات شكر، وإدراج هؤلاء الممولين في قوائم بيضاء تمنحهم مزايا إضافية، حيث تتبع معظم الدول هذا الأسلوب لتكريم الملتزمين وتعزيز ثقافة الدفع الطوعي. هذا النهج لا يقتصر على مصر فقط، بل تطبقه العديد من الدول العربية والعالمية متقدمة في أنظمتها الضريبية.

وتأتي هذه الخطوة لتعزيز العدالة الضريبية وجعل النظام الضريبي أكثر عدلاً وشفافية، إذ أن تجاهل الممولين الذين يلتزمون بالقوانين يثبط من روح الامتثال ويخلف فجوات قد تؤثر سلباً في الإيرادات العامة.

حلول دائمة للمنازعات الضريبية ودور المجلس الأعلى للضرائب في تطوير السياسات

تواجه مصر تحديات في تسوية النزاعات الضريبية المتراكمة أمام لجان الطعن والمحاكم، ما يستدعي تشكيل لجان دائمة ومتخصصة لفض هذه المنازعات بشكل فعال وسريع، مع وضع آليات واضحة لمنع تراكمها مستقبلاً؛ إذ يشكل هذا الأمر أحد المحاور الأساسية التي يجب تضمينها في وثائق السياسات الضريبية القادمة، والتي ستتم مناقشتها مع المستثمرين والمحاسبين ورجال الأعمال لتحقيق استقرار أكبر في البيئة الضريبية.

كما يشير عبدالغني إلى أهمية تفعيل قرار رئيس الجمهورية رقم 87 لسنة 2024 الخاص بتشكيل المجلس الأعلى للضرائب، والذي من شأنه أن يكون ركيزة أساسية لتطوير النظام الضريبي في مصر، بحيث يضع القواعد الأساسية للسياسات الضريبية في السنوات المقبلة ويضمن جمع الإيرادات بفاعلية دون الإضرار بحوافز الاستثمار.

تشكل هذه الإجراءات مجتمعة فرصة لتعزيز نظام ضريبي مرن وعادل يعتمد على تشجيع الامتثال الطوعي، مع معالجة التحديات التي تواجهها المنظومة الضريبية في الوقت الحالي، ما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة تلبي تطلعات الدولة والمجتمع.