«خسائر محتملة» توظيف أموال المعاشات في العملات المشفرة يثير قلق المستثمرين والمجتمع

تُعد تداعيات قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالسماح بإدخال العملات المشفرة ضمن استثمارات صناديق التقاعد من القضايا التي تثير جدلاً واسعًا؛ إذ يفتح هذا القرار المجال أمام استثمارات بديلة تشمل أصولًا مثل الأسهم الخاصة والعقارات، مما قد يؤثر بشكل كبير على مستقبل مدخرات التقاعد.

كيف يؤثر القرار الأمريكي على استثمارات صناديق التقاعد في العملات المشفرة

يعد قرر ترامب إضافة العملات المشفرة إلى قائمة الاستثمارات المسموح بها لصناديق التقاعد خطوة غير مسبوقة، فهي تمنح مديري الأصول البديلة فرصة للاستثمار في سوق تقدر قيمته بحوالي 12 تريليون دولار ضمن خطط المساهمات المحددة؛ تلك الصناديق التي تعتمد على مدفوعات الموظفين لاستثمار أموالهم لتحقيق أرباح مستقبلية، وتُعد هذه الخطوة جزءًا من توجه الإدارة الأمريكية لتبسيط اللوائح التنظيمية الخاصة بالأصول الرقمية، بعدما تحول ترامب من متشكك إلى داعم حاسم للعملات الرقمية الرقمية التي اعتبرها سابقًا «عملة احتيال».

ويشير القرار إلى تقليل الأعباء التنظيمية والمخاطر القانونية التي تواجه صناديق التقاعد، بما يتيح لها زيادة تنويع محافظها الاستثمارية وتنمية العوائد بشكل أكثر تنافسية، وهو ما من شأنه أن يوفر تقاعداً أفضل للعمال الأمريكيين.

المخاطر والقلق بشأن استثمار صناديق التقاعد في العملات المشفرة والأصول البديلة

على الرغم من الفوائد المحتملة، إلا أن التحول نحو استثمار صناديق التقاعد في العملات المشفرة يثير مخاوف كبيرة بين الخبراء؛ فالطبيعة المضاربية لهذه الأصول الرقمية تجعلها عرضة لتقلبات حادة، بالإضافة إلى أن هذا القطاع يعاني من قضايا احتيال وانتشار ممارسات غير شفافة.

وقد أكد أنيل كورانا، المدير التنفيذي لمركز باراتا للأعمال العالمية في جامعة جورج تاون، أن فتح سوق يضم 9 تريليونات دولار للأصول البديلة هو أمر يستحق الاهتمام، لكنه يحذر من الخطورة إذا كان هذا الاستثمار في أصول شديدة المضاربة وغير منظمة بشكل كافٍ؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى مخاطر جسيمة على مدخرات التقاعد.

وأوضح البيت الأبيض من خلال بيان أن وزارة العمل ستتعاون مع وزارة الخزانة وهيئة الأوراق المالية والبورصات والجهات التنظيمية الفيدرالية لمراجعة هذه الخطوة، بهدف النظر في التعديلات التنظيمية اللازمة لتأمين هذه الاستثمارات وحماية المستثمرين بشكل أفضل.

الاختلافات في طبيعة استثمارات صناديق التقاعد بين العملات المشفرة والاستثمارات التقليدية

تتميز خيارات الاستثمار الجديدة، التي تشمل العملات المشفرة والأصول البديلة، بمتطلبات إفصاح أقل، الأمر الذي يجعل وعي المستثمر بمخاطر الصناديق أقل وضوحاً من الاستثمارات التقليدية في الأسهم والسندات؛ حيث يصعب تحويل هذه الأصول إلى نقد بسرعة، وتتطلب رسومًا إدارية أعلى، فضلاً عن عدم وجود ضمانات دفع منتظمة عند التقاعد.

ولتوضيح ذلك أكثر، يمكن سرد الفروقات الجوهرية بين استثمارات صناديق التقاعد في الأصول التقليدية ونظيرتها التي تشمل العملات المشفرة:

  • الأسهم والسندات تخضع لإفصاحات شفافة وتداول يومي، بينما الأصول البديلة تتطلب إفصاحات أقل وتداول منخفض السيولة.
  • الاستثمارات التقليدية تقدم عوائد مستقرة ومضمونة نسبياً، على عكس المخاطرة العالية المرتبطة بالعملات المشفرة.
  • الرسوم الإدارية للأصول البديلة تفوق نظيرتها في الاستثمارات التقليدية، ما يؤثر على صافي العائد للمستثمرين.
  • خطط التقاعد ذات المزايا المحددة تضمن مدفوعات ثابتة، بينما الاستثمارات في العملات المشفرة تفتقر إلى هذا الضمان.

وكانت شركة بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول عالميًا، من أبرز الداعمين لهذا التحول، حيث تخطط لإطلاق صندوق تقاعد يضم أصولًا خاصة واستثمارات ائتمانية العام المقبل؛ الأمر الذي يلقي الضوء على التحول الكبير نحو تبني العملات المشفرة في مجال التقاعد.

كما أبدت السيناتور الديمقراطية إليزابيث وارن قلقها بشأن حماية المستثمرين بعد خطابها إلى شركة إمباور ريتيرمنت، التي تدير أصولًا ضخمة، مستفسرةً عن طرق حماية مدخرات التقاعد في ظل ضعف الشفافية وارتفاع الرسوم، ومطالبات غير مؤكدة بعوائد مرتفعة.

في غضون ذلك، وصفت مواقع أمريكية ترامب مؤخرًا بـ«حوت» العملات المشفرة، مستخدمةً التعبير المصري الشعبي، في إشارة إلى تزايد دوره وتأثيره في سوق العملات الرقمية التي يراها البعض محفوفة بالتقلبات والمخاطر.