دراسة علمية تكشف حقيقة تصنيع فيروس كورونا ومتحوراته في المختبر… ما النتائج؟

فيروس كورونا ومتحوراته لم تُصنع في المختبر، بل هي نتاج تطور طبيعي معقد. أظهرت دراسة علمية منشورة في مجلة Nature Medicine أدلة جينية حاسمة تؤكد أن فيروس SARS-CoV-2 لم يتم تصنيعه أو تعديله في المختبرات، بل نشأ من عمليات تطورية مشابهة لسلوك فيروسات كورونا الأخرى، مع إشارة واضحة لمصدره الحيواني المحتمل.

تحليل جينومي يبرئ فيروس كورونا من الإنتاج المخبري

نشب جدل واسع في فبراير 2020، حول فرضية تسرب فيروس كورونا من مختبر في ووهان، بعد انتشار مقال مثير ادعى أن الفيروس صُنِع كسلاح بيولوجي، غير أن هذا الادعاء خالٍ من أي دليل علمي موثوق، ومليء بالتناقضات التي أثارت نظريات المؤامرة. الدراسة المنشورة في مجلة Nature Medicine جاءت فاصلة في هذا الجدل، حيث أظهرت تحاليل جينومية دقيقة أن SARS-CoV-2 يفتقر إلى أي علامات أو بصمات جينية تشير إلى تصنيعه أو تعديله مخبريًا، مما يدحض فكرة التسريب المخبري بشكل نهائي.

الخصائص الجزيئية لفيروس كورونا تكشف تطوره الطبيعي وأصوله الحيوانية

تُبرز الأبحاث التي قادها البروفيسور كريستيان أندرسن المتخصص في علوم المناعة والميكروبيولوجيا، أن مقارنة الجينات بين فيروس كورونا الجديد وسلالات أخرى من فيروسات كورونا تُثبت بشكل قاطع أن SARS-CoV-2 نتيجة لتطور طبيعي، لا إنتاج اصطناعي. وأكد الباحثون أن التركيب الجزيئي الأساسي للفيروس يختلف عن فيروسات كورونا المعروفة، لكنه يشترك في خصائص مع فيروسات وُجدت في الخفافيش وآكل النمل الحرشفي، مما يدعم الفرضية القائلة بأن الفيروس نشأ من مصدر حيواني.

طفرة بروتين الحسكة ودورها في التطور الطبيعي لفيروس كورونا

تُشكّل طفرة بروتينات الحسكة (Spike Proteins) دليلاً مهما في فهم كيفية تطور فيروس كورونا، حيث تُعتبر هذه البروتينات المسؤولة عن تفاعل الفيروس مع مستقبلات الخلايا البشرية. تمتاز هذه البروتينات بدقتها في استهداف مستقبلات تنظم ضغط الدم لدى الإنسان، وهو أمر يصعب جدًا برمجته أو تصميمه مخبريًا بهذه الكفاءة. يشير هذا إلى انتخاب طبيعي تطور عبر سلسلة عدوى بين الحيوانات، مما يؤكد أن الفيروس لم يُخلق صناعيًا، بل تطوّر بطريقة طبيعية عبر الزمن.

كيف انتقل فيروس كورونا إلى الإنسان؟ السيناريوهان المحتملان لظهور الفيروس

تشير تحاليل السلسلة الجينومية لفيروس كورونا إلى احتمالين أساسيين لانتقال الفيروس إلى الإنسان:

• تطور الفيروس إلى شكله الحالي داخل مضيف حيواني، ثم انتقاله المباشر إلى الإنسان
• انتقال الفيروس إلى الإنسان كفيروس غير ممرض، ثم خضوعه للتطور داخل الإنسان حتى اكتسب القدرة على التسبب بالمرض

يُرجح العلماء السيناريو الأول، الذي يشير إلى انتقال مباشر من الحيوانات المصابة، بينما يثير السيناريو الثاني مخاوف بشأن وجود سلالات فيروسية كامنة أخرى قد تظهر مستقبلًا وتُشكّل تهديدًا صحيًا جديدًا.

دراسة Nature Medicine ومساهمتها في فهم تطور وتفشي فيروس كورونا

تتجاوز أهمية الدراسة المنشورة في مجلة Nature Medicine مجرد دحض نظريات المؤامرة المتعلقة بتصنيع فيروس كورونا، لتسهم في تعزيز فهمنا لكيفية ظهور الأوبئة الفيروسية الجديدة. من خلال توضيح المسار التطوري الطبيعي لفيروس SARS-CoV-2، تقدم الدراسة معلومات قيمة تساعد العلماء في التوقع المبكر لتفشيات محتملة مستقبلاً، مما يمكّن من اتخاذ إجراءات وقائية فعّالة.

تكشف هذه النتائج أن فيروس كورونا المستجد هو نتيجة طبيعية لعملية تطورية معقدة، لا تعني بأي شكل من الأشكال تصنيعًا بشريًا أو تلاعبًا مخبريًا. ورغم استمرار بعض النقاشات، تجسد هذه الدراسة نقطة تحول في فهمنا للطبيعة الحقيقية لهذا الوباء، مؤكدة أن الطبيعة أكثر قدرة على الابتكار من أي تدخل بشري مخبري.