ذكرى ميلاد عزت أبو عوف اليوم.. رحلة استثنائية من طب المشرط إلى ألحان الموسيقى

شهد تاريخ الفن العربي حضورًا لافتًا لعزت أبو عوف، الذي يُحتفى بذكرى ميلاده بتاريخ 21 أغسطس، فهو الفنان الذي حفر اسمه في ذاكرة الجماهير، رغم تخرجه من كلية الطب، حيث اخترق عالم الفن بمواهب فائقة دفعت به بعيدًا عن المسار الطبي المعتاد. قدم عزت أبو عوف تجربة فريدة من نوعها، جعلته رمزًا في الموسيقى والتمثيل على حد سواء.

رحلة الفنان عزت أبو عوف من بكالوريوس الطب إلى مستقبل الموسيقى العربية

لم يكن الطريق أمام عزت أبو عوف سهلاً، فرغم حصوله على شهادة الطب، إلا أن شغفه بالموسيقى دفعه لترك المشرط جانبًا والتفرغ إلى أوتار الغيتار والفنون الموسيقية؛ بدأت مسيرته الفنية بانضمامه إلى فرقة «بلاك كوتس» التي كانت من الفرق الرائدة في فترة السبعينيات، مما مهد الطريق لتأسيسه فرقة «الفور إم» مع شقيقاته الأربعة في ثمانينيات القرن الماضي. قدمت هذه الفرقة العديد من الأغاني التي رسخت في وجدان الجمهور، وأصبحت علامة فارقة في تاريخ الموسيقى العربية المعاصرة، حيث امتزجت الأصوات بتوزيعات موسيقية متقنة وألحان تجسد روح ذلك العصر.

توسع عزت أبو عوف في عالم التمثيل والمسرح وتأثيره في صناعة الفن المصري

في عام 1992، دخل عزت أبو عوف عالم التمثيل، وعبر عن نفسه بأدوار متنوعة شكلت منعطفًا جديدًا في مسيرته الفنية، فكان فيلم «أيس كريم في جليم» بداية انطلاقته على الساحة السينمائية، تلاه عدة أفلام ناجحة مثل «عمر وسلمى» التي جذب بها شريحة واسعة من المشاهدين، بالإضافة إلى مشاركته البارزة في المسلسل التلفزيوني «ظل الرئيس» عام 2017، والذي يعد آخر أعماله. إضافة إلى ذلك، قدم برامج تلفزيونية تركت بصمة مميزة مثل «هرم الأحلام» و«القاهرة اليوم»، حيث استطاع أن يجمع بين الموهبة والإدارة والتقديم بشكل مميز.

الإرث الفني وعلاقات التعاون لشخصية عزت أبو عوف المتميزة

ينتمي عزت أبو عوف إلى عائلة فنية عريقة لها جذور عميقة في عالم الموسيقى والدراما؛ فوالده كان الموسيقار أحمد شفيق أبو عوف، وشقيقته الفنانة مها أبو عوف، كما أن ابنته مريم أبو عوف تعمل مخرجة. هذا الإرث الثقافي أثرى مسيرته، فلم يكتفِ بالأداء فقط، بل ساهم في إدارة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في عام 2008، حيث لعب دورًا مهمًا في الحفاظ على استمرارية المهرجان في أوقات حرجة بفضل حكمته وحنكته. كما تميز بقدرته على اكتشاف المواهب الجديدة، فكان أول من قدم المطرب محمد فؤاد للجمهور، ونسج علاقات تعاون وصداقات قوية مع أعمدة الفن مثل عمرو دياب وتامر حسني، مما شكّل جسورًا فنية أرسى من خلالها حضورًا متجددًا للأجيال التالية.

واجه الفنان الراحل عزت أبو عوف العديد من المحن خلال حياته، خاصة بعد فقدانه زوجته فاتيما في عام 2015، الأمر الذي أثر على صحته النفسية والجسدية، حيث خضع لعملية قلب مفتوح وأصيب بعدة وعكات صحية متتابعة، إلى أن رحل عن عمر ناهز السبعين عامًا. رغم ذلك، استمر عطاؤه الفني والإنساني ليترك بصمة لا تُمحى في ذاكرة الفن العربي.