ذكرى نور الشريف اليوم.. كيف قدم أعظم دور لـ ناجي العلي في السينما

جسد نور الشريف شخصية رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير ناجي العلي في فيلم تناول تفاصيل حياته وأحداث اغتياله في لندن عام 1987، مستعرضًا مسيرته المليئة بالتنقلات والاضطرابات، بدءًا من نزوحه مع أسرته إلى لبنان، مرورًا بفترة عمله في الكويت، والعودة مجددًا إلى لبنان في أجواء الحرب الأهلية. الفيلم الذي كتب نصه السينمائي بشير الديك وأخرجه عاطف الطيب، شارك فيه نخبة من النجوم مثل ليل جبر، محمود الجندي، أحمد الزين، تقلا شمعون، وغيرهم، مقدّمًا سردًا دراميًا لحياة ناجي العلي عبر مراحل متعددة.

رحلة حياة ناجي العلي ومسيرة الكفاح الفلسطيني في الرسم الكاريكاتيري

ولد ناجي العلي في عام 1937 بقرية الشجرة الواقعة بين طبريا والناصرة، وعقب احتلال فلسطين عام 1948، أجبرت عائلته على الهجرة إلى جنوب لبنان، حيث استقروا في مخيم عين الحلوة. في سن العاشرة، بدأ ناجي يواجه واقع اللاجئ المتنقل، بعد أن تم اعتقاله مرات عدة على خلفية نشاطه المناهض للاحتلال الإسرائيلي، مما أدى إلى قضائه فترات طويلة داخل الزنزانة، والتي أمضاها في الرسم على جدران السجن. لم يكن الجيش اللبناني أقل قسوة، إذ اعتقله مرات أخرى وظل يعبر عن أفكاره عبر الكاريكاتير حتى في هذه الظروف القاسية. من ثمّ، توجه إلى مدينة طرابلس اللبنانية حيث حصل على شهادة ميكانيكا سيارات، ليبدأ فصلًا جديدًا من حياته بعد التوقف عن تجربة الطفولة اللاجئة.

تطور فن ناجي العلي وتأثير غسان كنفاني ودور حنظلة في رسوماته

نال ناجي العلي دعمًا بارزًا من الأديب الفلسطيني غسان كنفاني، الذي عندما رأى رسومات ناجي في مخيم عين الحلوة، ساهم في نشر أولى لوحاته التي حملت صورة خيمة تعلوها يد مرفوعة، عبر مجلة “الحرية” عام 1961. هذا الدعم كان نقطة انطلاق لمسيرته المهنية، التي أخذته إلى الكويت في 1963 للعمل محررًا، ورسَّامًا، ومخرجًا صحفيًا في صحف عدة منها “الطليعة الكويتية” و”السياسة الكويتية” و”السفير اللبنانية”. في عام 1969، ظهر رسم شخصية حنظلة في جريدة السياسة الكويتية؛ وهو طفل في العاشرة من عمره يظهر دائمًا واضعًا يديه خلف ظهره ويدير ظهره للجمهور، وهو ما جعل هذه الشخصية تتخطى حدود الرسم لتصبح رمزًا معبرًا عن صمود الفلسطيني ومقاومته رغم المعاناة، حيث جسدت حنظلة شهادة صادقة على الأحداث دون الخوف من التعبير عن الحقيقة.

الارتباط العائلي وتراث ناجي العلي الفني بين الأجيال

تزوج ناجي العلي من وداد صالح نصر من صفورية، وأنجب أربعة أبناء هم خالد وأسامة وليال وجودي، الذين يحملون إرثه ببراعة الانتماء المستمر لفنه وقضيته. لعب ابنه خالد دورًا رئيسيًا في إحياء رسومات والده من خلال إعادة إنتاجها في عدة كتب جمعت العديد من أعمال ناجي من مصادر متعددة، وترجمت إلى عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية. لا تزال أعمال ناجي العلي تشكل مرآة حقيقية تعكس واقع اللاجئ الفلسطيني، وتوثيقاً تاريخياً عميقًا لحياته ومقاومته من خلال فن الكاريكاتير، الذي ظل صوتًا ناطقًا بالحق رغم كل الظروف التي مرت بها المنطقة.