شهدت فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثانية والثلاثين تكريمًا مميزًا للمخرج العراقي الكبير الراحل سامي عبد الحميد، حيث احتضنت الندوة التكريمية محور “رد الجميل” وشارك فيها عدد من الفنانين والأكاديميين العراقيين والسودانيين لتسليط الضوء على إنجازاته الفنية والإبداعية.
دور سامي عبد الحميد في تجديد المسرح العراقي من خلال التكريم في مهرجان القاهرة التجريبي
بدأ الناقد السوداني د. عادل حربي حديثه بالتأكيد على أن سامي عبد الحميد يُعتبر عميد المسرح العراقي، فهو مؤلف ومبدع وناقد ونقيب يتميز بنزعة تجريبية واضحة انعكست في أغلب أعماله المسرحية، كما أن فترة إقامته في لندن شكلت لحظة تمرد على الأشكال التقليدية، في حين مثلت تجربته في أمريكا محطة تحولات فكرية وفنية عميقة؛ بالإضافة إلى أهمية دوره في مجلة “المسرح” المصرية التي شكلت مرجعًا رئيسيًا وذاكرة حية للمسرحيين العرب، مما يعكس تأثيره الكبير في المشهد المسرحي العربي.
إنجازات سامي عبد الحميد وتجربته في التعليم المسرحي والفن الإلقائي
أوضح الفنان العراقي ميمون الخالدي أن سامي عبد الحميد كان الرائد الأول في كتابة الدراسات عن فن الإلقاء على مستوى العراق، مماثلًا لجهود عبد الوارث عسر في مصر، فقد كان يجمع بين التجريب والدراسة العميقة والتمكن من علوم المسرح كافة، كما يُذكر أنه قام بترجمة أول كتاب يُعنى بأسس التمثيل المسرحي، بالإضافة إلى قيادته وإخراجه العديد من العروض التي عمل فيها مع الممثلين، حيث كان يمنحهم حرية التعبير لأن رؤيته تَعتبر الممثل شريكًا فاعلًا في الإبداع وليس مجرد أداة، وهو من كان يرسم للمسرحية الروح الجمالية التي تميز أعماله؛ ونقل الخالدي كذلك كيف أن عرض “بشر الحافي” عام 1990، الذي خرج من كواليس مهرجان بغداد المسرحي، حمل طابعًا صوفيًا جعل البعض يظنه متدينًا تصوفياً، رغم أنه لم يكن كذلك.
الإسهامات الإبداعية والمسرحية المتنوعة لسامي عبد الحميد وتأثيرها على المسرح العربي
أكد د. عبد الكريم عبود أن سامي عبد الحميد قاد رائدة فن الصورة المسرحية في العراق والمنطقة العربية كافة، وله قدرة ملفتة على اندماج الممثلين في الدور، كما حدث في تجسيده لشخصية “الملك لير” التي أبهرت الحضور بجودة الإبداع الحسي والبصري المتكامل، وقد أحدث تغييرات بارزة في مفهوم مسرح الصورة حيث أعاد الاعتبار للصوت كعنصر جوهري في بناء العرض المسرحي، وهو الأمر الذي لاحظه الناقد المصري عز الدين إسماعيل من خلال تتبعه لقدرات عبد الحميد التمثيلية والإخراجية؛ بينما أشار د. بشار عليوي إلى مشاركته المبكرة في فرقة “المسرح الفني الحديث” ودوره البارز كممثل ومخرج وإداري، معززًا ثقافة العمل الجماعي ومحاولاته المتكررة لتكييف النصوص العالمية بما يتناسب مع البيئة العراقية، مما جعله نمطًا مميزًا في تطوير المشهد المسرحي.
- تميز سامي عبد الحميد بدمج التجريب والبحث العلمي في مسيرته المسرحية.
- استخدم حرية التعبير للممثلين كعنصر رئيسي في العملية الإبداعية.
- ساهم في تعريف الجمهور العربي بالأسس الحديثة للتمثيل والإخراج المسرحي.
- أعاد الصوت للمسرح كأداة بناء فنية متكاملة مع الصورة الحركية.
- تأثر بالتجارب العالمية، لكنه حرص على تطويع النصوص بما يتلاءم مع الثقافة المحلية.
في ذكر التفاصيل الدقيقة لمسيرة سامي عبد الحميد تظهر أهميته التاريخية في صقل وتطوير المسرح العراقي والعربي، حيث جمعت أعماله بين الأصالة والتجديد وأدخلت مفاهيم جديدة على المشهد الفني، وقد تجلت هذه الإسهامات بوضوح خلال التكريم في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي أكد على قيمته ومكانته التي لا تُنسى في القلوب والعقول.