«زواج المزاينة» يشعل أزمة قبلية والقانون والشريعة في مواجهة حاسمة

«زواج المزاينة» يشعل أزمة قبلية والقانون والشريعة في مواجهة حاسمة
«زواج المزاينة» يشعل أزمة قبلية والقانون والشريعة في مواجهة حاسمة

شهدت اليمن مؤخراً حادثة مثيرة للجدل تتعلق بزواج يحيى علي منصر السباعي بامرأة تنتمي إلى فئة اجتماعية تُعرف بـ”المزاينة”، حيث أدت هذه الواقعة إلى إصدار إحدى القبائل وثيقة تعلن تبرؤها منه، وهذا موقف عكس النزاعات المستمرة بين الأعراف القبلية والقوانين القائمة على الشريعة الإسلامية والدستور اليمني، خاصة فيما يتعلق بحرية اختيار شريك الحياة بالنسبة للأفراد.

موقف الشريعة الإسلامية والقانون اليمني من زواج المزاينة

تؤكد الشريعة الإسلامية على مبدأ المساواة بين البشر في الحقوق والواجبات وفقاً للتعاليم الإسلامية التي لا تميز بين الأفراد على أساس النسب أو الطبقات الاجتماعية، وهذا المبدأ متماشي مع نصوص الدستور اليمني التي تكفل حرية الزواج للجميع شريطة الالتزام بالضوابط الشرعية، وقد نصت المادة الأولى من القانون المدني اليمني على الرجوع للشريعة عند غياب النص القانوني، مع إمكانية اعتماد العرف إذا تطابق مع الشريعة والنظام العام.

من ناحية أخرى، تعتبر الأعراف القبلية التي تُعارض هذا المبدأ أو تقيد حرية الزواج مخالفة صريحة للقانون والشريعة، وبالتالي فإن وثيقة القبيلة التي أعلنت التبرؤ من يحيى السباعي تعتبر غير قانونية ولا تحمل أي قيمة تشريعية، حيث يبقى الزوج متمتعاً بكافة حقوقه المدنية مثل اللجوء إلى القضاء وحق الدفاع عن قراراته الشخصية دون أي تدخل.

تعزيز سيادة القانون في القضايا الأسرية

الحادثة أثارت جدلاً واسعاً حول دور القانون في مواجهة الأعراف القبلية التي تقيد الحريات الفردية، حيث تؤكد النصوص القانونية اليمنية على حماية الحقوق الشخصية، ومنها الحق في الزواج دون تمييز، وقد شدد الدستور على أن هذه الحقوق لا تخضع لأي اعتبارات قبلية مخالفة للشرع أو القانون، كما أن محاولة فرض الوصاية القبلية بهدف إنهاء الزواج أو منع تكوين الأسر يشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ العدالة والمساواة.

وفي هذا الإطار، فإن التصرفات القبلية مثل فرض التبرؤ أو استخدام التهديد والإكراه ضد الفرد قد تُعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، حيث تشتمل العقوبات على تعويض المتضرر عن الأضرار النفسية والمعنوية التي تنتج عن مثل هذا النوع من التدخل القبلي غير المشروع.

دعوة لحماية الحقوق في مواجهة الأعراف القبلية

أكدت مصادر قانونية أن يحيى السباعي يمكنه الاستفادة من النظام القضائي للتصدي لأي تعديات تطاله بسبب هذه الحادثة، حيث يمكنه اللجوء إلى القضاء للحصول على تعويض عما تسبب به موقف القبيلة من أضرار، وتشير هذه القصة إلى ضرورة تعزيز سيادة القانون في اليمن لمواجهة الحالات التي تهدد الحريات الشخصية بسبب تقاليد متوارثة تتعارض مع الدستور والمبادئ الإسلامية.

ختاماً، فإن تعزيز وعي الأفراد بحقوقهم القانونية وحمايتهم من العادات التي تضيق على حرياتهم هو مسؤولية جماعية، حيث تتطلب هذه القضايا حملات توعية قانونية وتأكيد أهمية دور الدولة في فرض سيادة القانون بعيداً عن تأثير الأعراف المخالفة للقيم السامية.