
تعيش محافظة صعدة اليمنية وضعًا مأساويًا، حيث تواجه سكانها معاناة إنسانية وسياسية كارثية تحت سيطرة مليشيا الحوثي التي حولت المحافظة إلى سجن كبير يعج بالصمت الثقيل والألم المكبوت. تتكبد المحافظة سلسلة من الانتهاكات الممنهجة ضد سكانها، من قمع للحريات وانتهاكات حقوق الإنسان إلى الإخفاء القسري والتعذيب، فيما تستمر دعوات التحرك الدولي لإنقاذ هذه المحافظة ومعاناة أهلها.
معاناة سكان صعدة بين القمع والإخفاء القسري
يمثل سكان صعدة نموذجًا مؤلمًا للمعاناة تحت وطأة القمع الحوثي، حيث يعاني المواطنون من ممارسات ممنهجة تهدف إلى كبح كل صوت معارض أو مستقل. كشفت شهادات عديدة عن اختطاف الحوثيين لمعارضيهم، الذين يتم احتجازهم في سجون سرية مكتظة تُفتقر فيها أدنى معايير الإنسانية. يعاني المعتقلون من التعذيب النفسي والجسدي، بينما تغيب العدالة والمحاكمات القانونية تمامًا، ما يعكس بيئة ملأى بانتهاكات حقوق الإنسان. تُعد هذه الجرائم، بحسب القوانين الدولية، جرائم ضد الإنسانية تتطلب محاسبة الجناة وتحقيق العدالة للضحايا.
حملات اعتقال وتصعيد الممارسات الحوثية
زاد الحوثيون خلال الأشهر الأخيرة من وتيرة القمع والاعتقالات في صعدة، حيث نفذوا حملات اعتقالات جماعية طالت العشرات من المواطنين. وتم نقل هؤلاء المدنيين إلى مواقع عسكرية معرّضة للغارات الجوية، مما يمثل استغلال المدنيين كدروع بشرية، في خرق صارخ للقوانين الدولية التي تحظر تعريض حياة المدنيين للخطر في النزاعات المسلحة. هذه الممارسات زادت بشكل ملحوظ بعد الضربات الجوية الأخيرة التي شنتها المقاتلات، حيث تربط المليشيا اتهامات واهية بالمدنيين لتبرير تصعيدهم الأمني، ما أدى إلى زيادة الديناميكية الأمنية بشكل مقلق في أرجاء المحافظة.
صعدة بين احتلال الحوثيين وصمود أهلها
رغم محاولات الحوثيين تصوير صعدة كقاعدة شعبية لهم، فإن الحقيقة مغايرة تمامًا. غالبية سكان المحافظة يعيشون في حالة رفض مكبوتة للسيطرة الحوثية، حيث يعانون من قمع شامل يمنعهم من التعبير عن آرائهم بحرية. وكيل المحافظة، علي الحماطي، يشير إلى أن صعدة ظلت دائمًا رمزًا للبطولة والحرية، وأن سكانها ليسوا مؤيدين بالأغلبية للمليشيا، بل هم ضحايا للعنف والإكراه. كما يشدد الحماطي على أن الانتهاكات التي ترتكب في صعدة تكشف زيف دعاية الحوثيين، مؤكدًا أن عودة صعدة إلى كنف الدولة الشرعية هو أمر حتمي عندما يسقط هذا التنظيم المتطرف.
إنقاذ صعدة من قبضة الحوثيين أصبح شرطًا ملحًا لإنهاء معاناة سكانها وضمان حياة كريمة لهم. ما بين القمع والانتهاكات والتحركات الدولية البطيئة، تظل صعدة رمزًا حيًا لصمود الشعب اليمني أمام الظلم والطغيان. على المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي التحرك سريعًا قبل أن تتحول المحافظة إلى نموذج دائم للمعاناة في ذاكرة الإنسانية.