صفقة استحواذ بسكو مصر تفتح فصلًا جديدًا في قصة الطعامة المصرية

بسكو مصر، علامة أيقونية في تاريخ الصناعات الغذائية المصرية، تروي قصتها عبر العقود من خلال منتجاتها المتميزة كالكعك والغريبة التي أصبحت جزءًا من التراث المصري، وعلى الرغم من انتقال ملكيتها إلى أيدي مستثمرين أجانب، إلا أن اسمها يظل محفورًا في وجدان الشعب بفضل أصالتها وتميزها، وتمثل صفقات الانتقال المختلفة التي مرت بها محطة هامة في سياسات الاستثمار بمصر.

صفقة استحواذ بسكو مصر

جرى تنفيذ صفقة استحواذ شركة نايل فالي المملوكة لـ”مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه” اليمنية على شركة بسكو مصر بقيمة 241 مليون جنيه، وتمت الصفقة بسعر شراء للسهم الواحد بلغ 1.46 جنيه، مما يوضح انخفاض القيمة السوقية للشركة مقارنة بقيمتها الحقيقية الممتدة في أصولها المتنوعة، إذ تمتلك بسكو مصر ثلاثة مصانع وأكثر من 20 خط إنتاج فضلاً عن محفظة أراضي ضخمة سُجلت قيمتها في 2014 بأكثر من 900 مليون جنيه.

تأتي هذه الصفقة بناءً على موافقة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مصر، ومن الجدير بالذكر أن استحواذ شركة نايل فالي جاء بعد أن بيع 89.9% من أسهم بسكو مصر إلى شركة كيلوج الأمريكية في صفقة قدرت بـ124.2 مليون دولار في عام 2015، غير أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا لقيمة السهم بسبب تعويم الجنيه المصري وتحرير سعر الصرف.

رحلة بسكو مصر وتاريخها

تأسست بسكو مصر عام 1957 كجزء من المشروع الوطني لدعم الصناعة المحلية وتوفير الأغذية الأساسية، من بينها منتجات مصنوعة خصيصًا للمدارس والجيش، وسرعان ما أصبحت منتجاتها جزءًا لا يتجزأ من حياة المصريين اليومية عبر أجيال مختلفة، قدمت الشركة منتجات معبأة آليًا مثل البسكويت الأشهر “ماري” و”لوكس”، مما عزز مكانتها في السوق المحلية.

عند انتقالها للقطاع الخاص عام 1999، بدأت التحديات في مواجهة الشركة بسبب التغيرات في سياسات السوق، ففي 2005 تخارجت الحكومة تمامًا من ملكية الشركة، لتتحول ملكيتها الكاملة إلى القطاع الخاص، وتوالت القرارات التي أثرت على أدائها، منها شطب أسهمها من البورصة المصرية عام 2018، وذلك بعد سنوات من تضخم خسائرها التي وصلت بنهاية عام 2023 إلى 365.55 مليون جنيه.

مستقبل بسكو مصر بعد الاستحواذ

أكدت مجموعة هائل سعيد أن هذا الاستحواذ يتماشى مع استراتيجياتها لتعزيز وجودها في السوق المصري، وهي تعمل تحت مظلة شركة نايل فالي التي تشمل شركات رائدة مثل آرما للصناعات الغذائية وآرما للزيوت وغيرها، حيث تركز المجموعة على توظيف خبراتها لتطوير شركة بسكو مصر وتحقيق التوسع بالاستفادة من قدراتها الإنتاجية ومكانتها في قطاع صناعة البسكويت.

دوافع تراجع سعر السهم

تعود أسباب تراجع القيمة السوقية لسهم بسكو مصر بشكل أساسي إلى تحرير سعر الصرف والضغوط الاقتصادية التي أثرت على قيمة الجنيه المصري، حيث أدى انخفاض قيمته إلى تقليل تقييم الأصول المالية بشكل ملحوظ، بجانب الخسائر التشغيلية التي سجلتها الشركة في الأعوام السابقة، والتي أضعفت فرصها الاستثمارية.

يعكس هذا النموذج حال السوق المصري الذي يشهد انخفاضًا في أسعار أسهم العديد من الشركات المدرجة مقارنة بقيمتها الجوهرية، إلا أنه يمثل فرصة ذهبية للمستثمرين للقيام بصفقات استحواذ جاذبة تسهم في تحريك عجلة الاقتصاد وتطوير الطاقات المحلية.