«صندوق النقد» يعود إلى سوريا بعد غياب طويل لدعم الاقتصاد المحلي

في خطوة تعكس تحولًا لافتًا على صعيد الشراكة الدولية مع سوريا، أبدى صندوق النقد الدولي استعداده الكامل لتقديم المشورة الاقتصادية والمساعدة الفنية للحكومة السورية، وفقًا لبيان رسمي تم الإعلان عنه اليوم. تأتي هذه المبادرة في إطار الجهود الاستراتيجية لدعم الاقتصاد السوري المتضرر إثر سنوات الصراع الطويلة، كما تهدف إلى تعزيز الإصلاح الهيكلي واستعادة التوازن المالي.

التقارب بين سوريا وصندوق النقد الدولي

أكد وزير المالية السوري، محمد برنية، في تصريحات سابقة، أن الحكومة السورية تجري ترتيبات لزيارة وفد من صندوق النقد الدولي إلى دمشق، حيث سيتولى الوفد مهمة تشخيص الاحتياجات الملحة للقطاع المالي، بالإضافة إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الفني والمالي. وأشار برنية إلى أن الحكومة تسعى للانخراط في شراكة تضمن استقرار الاقتصاد وتعزز القدرة على إنجاز الإصلاحات المطلوبة، وهو ما قد يمهد لإطلاق برامج دعم تلبي المتطلبات الراهنة لتحقيق التنمية.

أهمية تعيين رئيس بعثة صندوق النقد في سوريا

في خطوة تشير إلى تغير مواقف المؤسسات المالية العالمية تجاه دمشق، أعلن الصندوق عن تعيين أول رئيس بعثة له إلى سوريا منذ 14 عامًا، وهو الاقتصادي “رون فان رودن”. يشكل هذا التعيين تأسيسًا لتعاون أكثر فاعلية بين الطرفين، حيث سيركز فريق الصندوق على إعداد إستراتيجيات لإعادة الإعمار والتحفيز المالي. ترى الأوساط الاقتصادية أن هذا التطور يعكس استعدادًا دوليًا لإعادة الانخراط مع سوريا، مستندًا إلى مقومات تحقيق الإصلاح وتلبية الشروط المالية المطروحة.

دور بيانات اقتصادية دقيقة في الدعم الدولي

أوضحت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، خلال الاجتماعات الدولية التي عقدت مع مسؤولين سوريين، أن ضمان وجود بيانات اقتصادية شفافة يعد من المعايير الرئيسية لدعم خطط الإعمار والتنمية. وناقش الصندوق ضرورة الشفافية المالية لتحقيق الاستقرار ودفع عجلة النمو الاقتصادي، مشددًا على أهمية تعزيز الثقة بين المؤسسات المحلية والدولية لضمان تنفيذ خطة إنعاش مستدامة تلبي تطلعات السوريين وتخفف من الأزمة الاقتصادية الخانقة.

من خلال إعلان صندوق النقد الدولي نيته تقديم الدعم الفني والاقتصادي لسوريا، تفتح نافذة أمل لتعافي الاقتصاد السوري وإنجاح مرحلة ما بعد الحرب. ويؤكد هذا التعاون، الذي يبدأ بزيارات تشاورية مؤكدة، أهمية تكاتف الجهود الدولية والمحلية لتوفير حلول مستدامة، إلا أن الشرط الأساسي يبقى تنفيذ إصلاحات جادة تعزز الاستقرار المالي الداخلي وتعيد بناء الثقة على المستوى الخارجي.