ظهور خاص اليوم.. كيف واجه فؤاد المهندس المجتمع بخفة ظل في برنامج «كلمتين وبس»

لا يمكن تجاهل دور برنامج «كلمتين وبس» في صنع تاريخ فؤاد المهندس وخفة ظله البارزة، فهو لم يكن مجرد منبر للضحك بل منصة تناقش قضايا المجتمع بطريقة ساخرة وأثرت بشكل كبير على الجمهور في مصر والعالم العربي. استمر هذا البرنامج في إحياء روح الكوميديا التي جعلت من فؤاد المهندس علامة فريدة في تاريخ الفن.

بدايات فؤاد المهندس ومسيرته الفنية المبكرة

ولد فؤاد المهندس عام 1924 في القاهرة وسط عائلة متوسطة الحال، وبرز منذ نعومة أظافره بحس فكاهي فطري جعل منه متميزًا بين أقرانه؛ التحق بكلية التجارة في جامعة القاهرة وهناك اكتشف موهبته التمثيلية عندما انضم إلى فرقة المسرح الجامعي، حيث بدأ رحلته الفنية التي ستمتد لعقود. هذا الانطلاق الجامعي كان بمثابة بوابة أساسية لعبوره إلى عالم الفن بكل تنوعاته بين السينما والمسرح والإذاعة.

أبرز الأفلام التي رسمت تاريخ الكوميديا في مصر بفؤاد المهندس

قدَّم فؤاد المهندس مجموعة من الأفلام التي شكلت علامة لا تُمحى في تاريخ السينما المصرية، منها “أرض النفاق” الذي تناول بجرأة سلوكيات المجتمع بسخرية لاذعة، و”أخطر رجل في العالم” الذي جمع بين الكوميديا والإثارة بمهارة عالية، إلى جانب “اعترافات زوج” الذي أظهر ببراعة تفاصيل العلاقات الأسرية. كما لا يمكن إغفال فيلم “العتبة جزاز” الذي يعد تحفة فنية في ستينيات القرن الماضي. تعاون المهندس مع نجوم كبار مثل عبد الحليم حافظ في “معبودة الجماهير” وشارك في “عائلة زيزي” مع نجوم شباب آنذاك، وفي الثمانينات أثبت حضوره مع أحمد زكي في “البيه البواب” بقدرة نادرة على التكيف مع الأجيال الحديثة.

المسرح والإذاعة: كيف أجاد فؤاد المهندس الكوميديا في «كلمتين وبس»

المسرح كان منصة الإبداع الخاصة لفؤاد المهندس، حيث أبدع في مسرحيات خالدة مثل “سيدتي الجميلة” المقتبسة من مسرحية عالمية، و”إنها حقًا عائلة محترمة” ذات الكوميديا الإنسانية العميقة، فضلاً عن “سك على بناتك” التي خلّدت في الذاكرة الشعبية بجملها الشهيرة، و”هالة حبيبتي” و”علشان خاطر عيونك” التي عكست روحه المرحة. لم يقتصر إبداعه على المسرح فقط، إذ دخل إلى عالم الإذاعة ببرنامج «كلمتين وبس» الشهير، حيث ناقش قضايا اجتماعية بنكهة ساخرة مميزة، واختتم حلقاته دائماً بجملته الشهيرة “مش كده ولا إيه؟” التي أصبحت أيقونة متداولة حتى الآن.

  • تميَّز فؤاد المهندس بإطلاق إفيهات أصبحت جزءًا من الثقافة الشعبية مثل «المكنة طلّعت قماش» و«سك على بناتك لكن اعطيهم المفتاح».
  • تميز في دمج الكوميديا بالرسائل الاجتماعية، مما جعل فنه يعكس الواقع بصدق وجاذبية.
  • أثرى الساحة الفنية برسالة إنسانية عميقة مع الاحتفاظ بخفة ظله المعهودة.

كان فؤاد المهندس نموذجًا فريدًا في الكوميديا المصرية، إذ جمع بين الفكاهة والنقد الاجتماعي بعذوبة لم تعرفها الشاشة والدراما من قبله؛ حيث لم تقتصر أدواره على إضحاك الجمهور فقط، بل كانت تحمل في طياتها الكثير من الرسائل التي تؤرق وتلهب وجدان المجتمع في تلك الفترة. هذا ما جعل برنامج «كلمتين وبس» يحتل مكانة خاصة في قلوب المشاهدين لأنه جمع بين المرح والوعي بطريقة استثنائية.

الممثل القدير كان امتدادًا للفنان نجيب الريحاني، لكنه استطاع تأسيس مدرسة خاصة به صنعت نجوماً كباراً مثل عادل إمام وشيريهان ومحمد أبو الحسن بفضل الفرص التي منحها لهم. النقاد أكدوا أن فؤاد المهندس كان أكثر من مجرد ممثل كوميدي، فقد اعتبره الدكتور وليد الخشاب رمزًا للبهجة وممثلًا للتحرر الوطني، أما أحمد سعد الدين فقد وصفه بأنه أستاذ كبير وصانع للنجوم، وأكد أن أعماله حاملة لرسائل اجتماعية إنسانية عميقة.

رغم رحيله في 2006، لا زال إرث فؤاد المهندس حيًا ينبض في ذاكرة الجمهور، فمسلسلاته ومسرحياته تعرض باستمرار، وصفحات التواصل الاجتماعي تنشر مشاهد من أعماله التي تظل مضرب أقوال في الفكاهة والرسائل الاجتماعية؛ برنامج «كلمتين وبس» يبقى خير شاهد على موهبته الخالدة وروحه المرحة التي استمرت في إسعاد الأجيال من دون كلل أو ملل، مؤكدًا أن الضحكة التي زرعها لم ولن تفارق الحياة.