عاجل اليوم.. المهرجان التجريبي يناقش تحديات المسرح بين الهوية المحلية والمسؤولية البيئية

شهد المهرجان التجريبي في القاهرة نقاشًا حيويًا حول “المسرح والتنمية المستدامة”؛ حيث تبرز أهمية دور المسرح كفن يعكس الخصوصية المحلية ويتحمل المسؤولية البيئية في آنٍ معًا. يعكس هذا النقاش كيف يمكن للمسرح أن يحافظ على أصالته وسط العولمة بينما يساهم في مواجهة المشكلات التي تهدد المجتمع والطبيعة.

كيف يحافظ المسرح على الخصوصية المحلية في ظل التحديات العالمية؟

ألقت هاندان سالتا الضوء على التحديات التي تواجه المسرح المستقل بسبب الضغوط الاقتصادية العالمية، مؤكدة أن العروض المسرحية التي تنبثق من السياق المحلي تواجه صعوبة في الاستمرار؛ لأنها لا تجد دومًا الفهم والاهتمام اللازمين من الجمهور الدولي، الذي غالبًا ما يكون معزولًا عن تفاصيل الحياة اليومية ومشكلات المجتمعات المختلفة. تؤكد سالتا أن الحفاظ على الهوية المحلية ضرورة تواجه عملية العولمة التي تربك المشهد المسرحي، وتضطر الفنانين للبحث عن جمهور المهرجانات الدولية، الذي لا يتفاعل بعمق مع قضايا الآخر.

دور المسرح الأوروبي في تحقيق الاستدامة والمسئولية البيئية

قدّمت هايدي وايلي، المديرة التنفيذية لاتفاقية المسرح الأوروبي، رؤية واضحة للجهود المبذولة نحو تنمية مسرحية مستدامة داخل أوروبا؛ مشيرة إلى أن الاتحاد اعتمد خطة طموحة نحو الحياد المناخي بحلول عام 2030، من خلال تشكيل لجنة المسرح الأخضر التي جمعت أبرز المؤسسات والشخصيات المسرحية. وقد تم تغليف تلك الطموحات في “ميثاق العمل المستدام” الذي يجعل من الاستدامة جزءًا جوهريًا في العملية الإبداعية المسرحية، مع التأكيد على ضرورة مواجهة التحديات البيئية والتغير المناخي كجزء من مسؤولية المسرح تجاه المجتمع والكوكب.

المسرح البيئي كأداة فعالة لزيادة الوعي البيئي والمجتمعي

سلطت جيليانا كامبانا، الباحثة والمخرجة المسرحية الأمريكية، الضوء على مفهوم “المسرح البيئي” الذي يتجاوز مجرد استخدام المشاهد الطبيعية في العروض إلى ربط قضايا البيئة والتغير المناخي مباشرة بالمحتوى المسرحي والتجربة الفنية، ما يخلق مساحة للتعاطف والحوار المستدام. تعود جذور هذا النوع من المسرح إلى الستينيات، حيث أعاد ريتشارد ششنر تعريف فضاء العرض من خلال إشراك الجمهور والاقتراب من البيئة والمكان، مما يرسخ الترابط بين الإنسان والطبيعة. تتضمن مبادئ المسرح البيئي اعتماد ممارسات إنتاج صديقة للبيئة، مثل استخدام مواد معاد تدويرها، وتقليل الانبعاثات الناتجة عن التنقل، مع طرح قضايا العدالة البيئية والاجتماعية، ودعوة الجمهور إلى المشاركة الفاعلة في الحوار وتخيل مستقبل مستدام أكثر.

يمثل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي منصةً تستعرض الحوار بين الخصوصية المحلية والمسؤولية البيئية، حيث يلتقي الفن بالمجتمع والقضايا العالمية، لتقديم رؤية مسرحية قادرة على إحداث التغيير ودعم الاستدامة في ظل عالم متغير ومتداخل؛ ما يؤكد على أن المسرح ليس مجرد فضاء ترفيهي بل منبر يعكس التحديات الملحة ويدعو للعمل الجماعي من أجل مستقبل أفضل.