غزة: توقف مراكز الخصوبة يعرقل تحقيق حلم الأمومة لآلاف الأسر

غزة: توقف مراكز الخصوبة يعرقل تحقيق حلم الأمومة لآلاف الأسر
غزة: توقف مراكز الخصوبة يعرقل تحقيق حلم الأمومة لآلاف الأسر

محمد ونورة، قصة من غزة تختصر معاناة آلاف الأزواج الذين يحلمون بالأبوة في ظروف قاسية، حيث كان أملهما الوحيد في الإنجاب هو عمليات الإخصاب المعملي رغم صعوبة الظروف المعيشية والحصار، بدأ هذا الحلم بالتلاشي عندما دُمر مركز الإخصاب الوحيد في غزة خلال الحرب، وهو ما أجهض فرصتهم بعد سنوات من العلاج الطويل.

معاناة أسر غزية تبحث عن الإنجاب

يعيش أهالي غزة تحديات يومية تهدد جميع جوانب حياتهم، إذ ترتبط الحياة الإنجابية وعمليات الإخصاب بالتحديات الطبية والاجتماعية، محمد ونورة مثال واضح لما تواجهه الأسر هناك، فكلاهما مر برحلة علاج طويلة لتحقيق حلم الأبوة، خضع محمد لعلاج الخصية المعلّقة، بينما واجهت نورة تحديات العقم، ورغم نجاحهما في الحمل بتوأم عبر الحقن المجهري، شاءت الأقدار أن يتعرضا لخسارة موجعة بسبب سوء الأوضاع الصحية والمعيشية في القطاع.

مع اندلاع الصراع، ظهرت تحديات جديدة مؤلمة، كان مشهد التنقل بين الأماكن وسط القصف ونقص الموارد قد أثر على حمل نورة وتسبب في نزيف حاد أنهى حياتي الجنينين، دون أي أمل لاستكمال المحاولة بسبب دمار مراكز الإخصاب والغارات المدمرة.

تدمير مراكز الإخصاب في غزة

شهد قطاع غزة تدميرًا جزئيًا أو كليًا لجميع مراكز الإخصاب التي كان عددها تسعة، أهمها مركز بسمة للإخصاب الذي يعد الأكبر والأكثر تجهيزًا للاحتفاظ بالأجنة المجمدة، يوضح الدكتور بهاء الغلاييني، أن المركز كان يحتوي على حاضنتين فيهما حوالي 4000 جنين مجمد ونحو 1000 عينة بويضات وسائل منوي، وهي أرقام تمثل أحلامًا لأكثر من 150 عائلة كانت ترى فيها فرصتها الوحيدة للإنجاب.

ورغم الجهود المبذولة لإنقاذ هذه العينات خاصة مع نقص سائل النيتروجين الضروري لحفظها، حالت الحرب والاضطرابات المستمرة دون الوصول إلى هذه الحاضنات، مما أدى إلى فقدانها بالكامل، هذا الدمار لم يؤثر فقط على الجانب الطبي، بل على الحافة النفسية لآلاف العائلات التي كانت تعوّل على هذه المراكز لتحقيق حلم الطفولة.

الأمل المفقود في أحضان الحرب والحصار

يؤكد الخبراء أن الضغوط المستمرة أثرت بشكل مباشر على الأمهات، إذ فقدت نساء مثل إسلام وآمال وسارة فرص إنجابهن الوحيدة نتيجة دمار هذه المراكز، فبعضهن لجأن إلى الحقن المجهري بسبب أمراض مزمنة أو أعمار متقدمة، لكن جميع الآمال تحطمت بفعل الصراع والنقص الحاد في الرعاية الطبية، وفي ظل هذا الوضع، أصبح الإنجاب شبه مستحيل لأن الظروف الاقتصادية والمعيشية لا تساعد على إعادة المحاولة.

يرى الدكتور بهاء أن النسوة ممن فقدن أجنتهم بسبب هذه الظروف غالبًا لن يتمكنّ من تكرار المحاولة بسبب العمر أو الحالة الصحية، كما يوضح أن مستقبل الإنجاب في القطاع بات مظلمًا مع تزايد أعداد الأسر المتضررة.

هذه القصص ليست استثناءً بل نماذج لمعاناة أوسع دمرت فيها الحروب ليس فقط الأرواح والمباني، بل حتى أحلام الأبوة والأمومة التي تلخص الإنسانية والحق في الحياة الكريمة، ومع استمرار الحصار، يبقى الأمل مؤجلًا وربما مجهول المصير.