فرط الأسنان.. متى يسبب عددها مضاعفات صحية؟

فرط الأسنان حالة نادرة تمثل وجود عدد زائد من الأسنان في الفم أكثر من العدد الطبيعي البالغ 32 سنًا دائمة لدى الإنسان البالغ، وتتراوح ما بين قواطع وأنياب وضواحك وأضراس بما فيها أضراس العقل، وترتبط هذه الحالة في أغلب الأحيان بمشكلات صحية ووظيفية قد تؤثر على جودة الحياة إن لم تُعالج بالشكل الصحيح؛ لا يعد فرط الأسنان اضطرابًا مستقلًا، بل هو عرض يظهر نتيجة أمراض وراثية أو خلقية كامنة، وتظهر الأسنان الزائدة بأشكال متنوعة منها الطبيعي ومنها الأنبوبي أو المخروطي، كما قد تكون أورامًا سنية غير سرطانية.

أنواع فرط الأسنان وأماكن نمو الأسنان الزائدة داخل الفم

تُصنف الأسنان الزائدة، في حالة فرط الأسنان، إلى ثلاث أنواع حسب موقعها داخل تجويف الفم، وهذا يعكس تأثيرها على ترتيب الأسنان الطبيعي؛ النوع الأول هو الأسنان المجاورة للأضراس، حيث تظهر هذه الأسنان بالقرب من الأضراس المعتادة لكنها غالبًا ما تكون غير مرتبة بشكل سليم، ثم هناك الأسنان التي تنمو خلف الأضراس، والتي توحي بامتداد طبيعي لسلسلة الأسنان، وأخيرًا النوع الأكثر شيوعًا هو الأسنان المتوسطة التي تنمو بين القواطع الأمامية في الفك العلوي أو السفلي؛ ورغم قلة حدوث هذه الظاهرة، فإن نسبة المصابين بفرط الأسنان لا تتجاوز 1 إلى 2% من السكان.

الأسباب والعوامل المؤدية لفرط الأسنان ومتى يحتاج إلى علاج

يظهر فرط الأسنان غالبًا نتيجة ارتباطه بمتلازمات وراثية وخلقية نادرة مثل متلازمة غاردنر، خلل التنسج الترقوي القحفي، متلازمة إهلرز دانلوس، مرض فابري، وشقوق الحنك الخلقية التي تؤثر بدورها في تكوين أنسجة الفك والأسنان؛ وفي كثير من الحالات تظل الأسباب مجهولة، ما يضع أهمية التشخيص المبكر للكشف عن الحالة بدقة، إذ قد لا يسبب فرط الأسنان أعراضًا واضحة أو مضاعفات وظيفية أو جمالية تستدعي التدخل الطبي، لكن في حالات أخرى يتحول إلى مشكلة تسبب آلامًا مزمنة نتيجة ضغط الأسنان بعضها على بعض، وصعوبة في مضغ الطعام أو التحدث، علاوة على منع بزوغ الأسنان الطبيعية، وزيادة خطر التسوس والتهابات اللثة بسبب تعقيد تنظيف الفم؛ وعليه، يكون خيار العلاج غالبًا إزالة الأسنان الزائدة جراحيًا بهدف استعادة التوازن الصحي للفم وتحسين جودة الحياة.

هل أصبح فرط الأسنان أكثر شيوعًا؟ ومخاطر تضيق الفكين الحديثة

على الرغم من ندرة فرط الأسنان، لا توجد دلائل علمية تشير إلى زيادة انتشار الحالة في العصر الحديث، لكن ما يثير الانتباه هو أن حجم الفك البشري المعاصر قد تقلص مقارنة بأسلافنا، مع بقاء عدد الأسنان ثابتًا عند 32 سنًا، ما يؤدي إلى تزاحم الأسنان وحتى من دون أي زيادة في عددها، وهذا التغير يُشكّل تحديًا صحيًا جديدًا؛ ويُشير عالم الحفريات ريتشارد كلاين إلى أن أسنان البشر القدامى كانت مستقيمة وموزعة بشكل جيد، بينما تُظهر الدراسات الحديثة سرعة تقلص الفك، ما يُعقّد ترتيب الأسنان داخل الفم ويزيد فرص الإصابة بمشكلات مثل فرط الأسنان أو تزاحم الأسنان.

طرق الوقاية والنصائح لتقليل تأثير فرط الأسنان ومشاكل الفك

ينصح الخبراء باتباع بعض الخطوات الوقائية لتخفيف حدة مشكلات فرط الأسنان وترتيب الأسنان داخل الفم، خاصة في مرحلة النمو، من خلال:

• تشجيع إعطاء الأطفال طعامًا صلبًا في مراحل مبكرة لتحفيز نمو عظام الفك بشكل صحي
• تعزيز العادات الصحيحة في عملية المضغ، ما يساعد على تقوية عضلات الفك وتوزيع الضغط المتوازن على الأسنان
• تجنب بقاء الفك في حالة ارتخاء لفترات طويلة، لأنها قد تؤدي لتغيرات سلبية في ترتيب الأسنان والفكين

فرط الأسنان حالة قد تمر دون تشخيص في الكثير من الأحيان بسبب ندرتها وشكل الأسنان الزائدة، لكنها قد تتحول إلى مشكلة صحية معقدة تستدعي التدخل الطبي خاصة إذا صاحبها أوجاع أو صعوبات في الوظائف الفموية؛ لذلك يعد المتابعة المنتظمة مع طبيب الأسنان ومراقبة نمو الأسنان لدى الأطفال أمرًا ضروريًا للكشف المبكر والتعامل المناسب مع هذه الحالة من خلال التشخيص الشعاعي والفحوص السريرية الدقيقة، ليكون ذلك حجر الزاوية في تقليل مضاعفات اضطرابات نمو الأسنان والفك التي قد تنجم عن فرط الأسنان أو مشكلات الفك الصغيرة الناتجة عن أسباب وراثية أو بيئية.