قفزات مداهمة في سوق العملات بغزة خلال أزمة الحرب.. ما الذي يكشفه ذلك عن تجار النقد؟

في ظل الأزمة المالية الخانقة في قطاع غزة، أصبحت معاناة الفلسطينيين من نقص السيولة وحصار النقد تظهر بوضوح من خلال استغلال تجار العملة الذين يتحكمون بالوضع، مستفيدين من الظروف الاقتصادية الصعبة لتحويل الرواتب الرقمية إلى نقد مقابل عمولات تفوق نصف المبلغ الأصلي، ما يزيد من معاناة الأسر بشكل كبير.

تدهور النظام المالي بسبب إغلاق البنوك ونقص السيولة النقدية

منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، أُغلقت البنوك في غزة بشكل شبه كامل بعد منع دخول النقد إلى القطاع؛ ما دفع السكان للبحث عن بدائل من خلال سوق الصرافة السوداء، حيث ارتبطت العملة الورقية المهترئة بازدياد الرفض في الأسواق، ما زاد من سوء الأزمة الاقتصادية؛ إذ يقول أحد السكان إنه لا يستطيع شراء حاجياته بسبب رفض الباعة للنقود التالفة وارتفاع الأسعار بشكل جنوني، في ظل احتكار الأسعار من قلة من التجار وانهيار النظام المصرفي الرسمي.

استغلال تجار العملة وتحويل الرواتب الرقمية بعمولات مرتفعة

يتحول الموظفون في غزة إلى التعامل مع تجار العملة الذين يفرضون عمولات مرتفعة تصل أحيانًا إلى 55% من الراتب، عبر تحويل الرواتب الرقمية إلى أموال نقدية، وهو ما يسميه السكان “التكييش”؛ ويشرح أحد الموظفين كيف أنه من أصل راتب 200 دولار، لا يحصل إلا على 90 إلى 100 دولار نقدًا بسبب هذه العمولة، مضيفًا أن الاستغلال مضاعف بسبب الحصار ومنع دخول النقد بشكل رسمي. وتفيد التقارير أن 70% من الحوالات المالية تمر عبر وسطاء غير رسميين، يتهم بعضهم بالارتباط بفصائل محلية أو جهات نافذة تُغطي على هذه الممارسات.

تبعات اقتصادية واجتماعية لنقص السيولة في غزة

تعكس الأرقام الرسمية والمصادر الاجتماعية حجم الكارثة التي تواجه غزة، حيث تشير تقارير سلطة النقد الفلسطينية إلى فقدان نحو 1.2 مليار شيكل من السيولة النقدية داخل القطاع، ما أدى إلى انهيار شبه تام للنظام المصرفي مع تدمير 98% من البنية المصرفية وتهريب 180 مليون شيكل من البنوك؛ ما تسبب في تضخم تجاوز 500% وفقدان أكثر من مليار دولار من محفظة القروض. على المستويين النفسي والاجتماعي، ترتفع معدلات الفقر والبطالة إلى نسب غير مسبوقة، ما يفاقم حدة المشكلات الأسرية والاجتماعية التي تبدي نفسها في ازدياد حالات الطلاق والجريمة والاحتيال، وفق شهادات العاملين في المجال الاجتماعي.

مؤشر اقتصادي النسبة / القيمة
نسبة الفقر في غزة أكثر من 85%
معدل البطالة حوالي 90%
نقص السيولة في النظام المصرفي 1.2 مليار شيكل
انخفاض القيمة في محفظة القروض أكثر من 1 مليار دولار
معدل التضخم أكثر من 500%
خسائر مباشرة بالبنوك 14 مليون دولار

يؤكد المختصون والمحامون الدوليّون أن منع دخول السيولة النقدية إلى غزة يشكل خرقًا لاتفاقية باريس الاقتصادية، مطالبين بفرض رقابة صارمة على السوق السوداء وتفعيل دور سلطة النقد في ملاحقة الصرافين غير المرخصين، فضلًا عن إنشاء بوابات رسمية للدعم المالي ومراقبة تدفق الأموال عبر التنسيق مع المؤسسات الدولية؛ وذلك للحد من الاستغلال المالي وتحسين ظروف الفلسطينيين الذين يعانون من أزمة اقتصادية وإنسانية مستمرة بسبب الحرب المستعرة التي دمرت البنية التحتية وأودت بحياة آلاف المدنيين، بينما يبقى السكان عالقين بين الحصار والاستغلال الاقتصادي.