قفزة الذهب بنسبة 25% خلال خمسة أشهر تعيد رسم ملامح المشهد المالي العالمي

الذهب يعد واحدًا من أهم أصول الاستثمار العالمية، وقد أثبت مكانته كملاذ آمن في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، شهد المعدن الأصفر أداءً لافتًا، مما يعكس تحولات كبيرة في توجهات السوق وسلوك المستثمرين تجاهه، وأصبح الذهب الخيار الأمثل للحفاظ على قيمة الأصول وسط موجات عدم اليقين في الأسواق.

ارتفاع سعر الذهب في 2025

سجل الذهب ارتفاعًا كبيرًا في سعره من يناير إلى مايو 2025 بنسبة بلغت 25%، ليتجاوز بذلك أداء العديد من الأصول التقليدية والبديلة، حيث ارتفع سعر الأونصة من نحو 2700 دولار ليقترب من 3300 دولار، ووصل إلى ذروته التاريخية عند 3500 دولار في إبريل الماضي، أسهم هذا الارتفاع في إضافة قيمة سوقية تصل إلى نحو 4 تريليونات دولار، مما يوضح حجم التدفقات المالية الهائلة التي اتجهت نحو المعدن الأصفر خلال الفترة الأخيرة، وقد ساعدت البيئة التضخمية العالمية وتزايد التوقعات بحدوث التباطؤ الاقتصادي في تعزيز هذا الاتجاه بشكل كبير.

التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب

المؤسسات المالية الكبرى بدأت في تعديل رؤيتها المستقبلية بشأن سعر الذهب، حيث رفعت جهات مثل “جي بي مورغان” و”بنك أوف أميركا” سقف التوقعات إلى 4000 دولار للأونصة بحلول عام 2026، بينما توقع تقرير صادر عن “إنكريمنتوم” أن يصل سعر الذهب إلى 8900 دولار خلال الأربع سنوات القادمة، تشير هذه السيناريوهات المتفائلة إلى تحول جذري في الطلب العالمي على الذهب؛ ويعود ذلك إلى اهتزاز الثقة بالعملات الورقية وتأثير العوامل الجيوسياسية على الاقتصاد العالمي.

دور الطلب الاستثماري والبنوك المركزية

الطلب الاستثماري على الذهب شهد نموًا كبيرًا خلال هذا العام ليشكل ما يعادل 45% من إجمالي الطلب العالمي، يعود هذا النمو الحاد بنسبة 170% منذ بداية العام الجاري إلى رغبة الأفراد والمؤسسات في اللجوء إلى أصول آمنة بعيدة عن المخاطر الاقتصادية المتزايدة، من جانب آخر، زادت البنوك المركزية من احتياطياتها الذهبية التي تمثل الآن نحو 20% من إجمالي الطلب العالمي، ويلعب هذا الاحتياطي دورًا جوهريًا في مواجهة التوترات الاقتصادية والسياسات النقدية التقليدية التي تتراجع جاذبيتها.

العلاقة بين الذهب والدولار الأميركي

التراجع المستمر في قيمة الدولار الأميركي ساهم في زيادة جاذبية الذهب كأصل استثماري آمن، العلاقة العكسية بين الدولار والذهب تجعل الأخير يتحرك بشكل إيجابي مع انخفاض قيمة العملة الخضراء عالميًا، إضافة إلى ذلك، أدت السياسة النقدية المتشددة في العديد من الدول وارتفاع أسعار الفائدة إلى تعزيز الطلب على الذهب كأصل دفاعي ووسيلة تحوط فعالة ضد التقلبات المالية والاقتصادية.

الذهب كلاعب رئيسي في النظام المالي

التغيرات الأخيرة في أسعار الذهب وتوجهات السوق تشير إلى أن المعدن الأصفر لم يعد مجرد ملاذ آمن عابر في أوقات الأزمات، بل أصبح لاعبًا رئيسيًا في تشكل النظام المالي العالمي الجديد، تزايد هشاشة الاقتصاد العالمي وتفاقم التحديات الجيوسياسية عوامل تدفع الذهب ليأخذ دورًا استراتيجيًا خلال السنوات المقبلة، مما يعزز أهميته كأداة طويلة المدى للحفاظ على القيمة.