قفزة تاريخية في قوة سلاح الجو السعودي.. من التراث العثماني إلى الهيمنة الجوية بالشرق الأوسط

بدأ سلاح الجو السعودي تاريخاً فريداً منذ أكثر من مئة عام، حيث انطلقت بدايته من استخدام طائرات عثمانية في الثورة العربية الكبرى عام 1916، وما لبثت أن تحولت إلى قوة نظامية مع تأسيس قوة الطيران الحجازية النجدية عام 1925، لتصبح حجر الأساس لسلاح الجو الملكي السعودي بعد توحيد المملكة في 1932، الأمر الذي يجعل سلاح الجو السعودي أقدم قوة جوية رسمية في العالم العربي.

تطور سلاح الجو السعودي بين الإرث والتحديث المتواصل

شهدت القوات الجوية السعودية تحولات هائلة عبر العقود الماضية، حيث بدأت المملكة تدريب طياريها في الخارج، وأقامت أول مدرسة للطيران عام 1930، ثم استمرت في تعزيز قدراتها مع تطور وزارة الدفاع خلال الخمسينيات، من خلال اقتناء طائرات متطورة من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية؛ وقد كان عهد الملك فيصل نقطة تحول مهمة، إذ أطلق خططًا طموحة لتحديث القوات الجوية، وأسس كلية الملك فيصل الجوية عام 1968؛ واستمرت صفقات التسلح الجوي في الازدهار تحت حكم الملوك اللاحقين، ما أدى لامتلاك المملكة اليوم واحدة من أقوى القوات الجوية عالميًا، وهو شاهد واضح على التقدم المتواصل في الطيران العسكري السعودي.

المواجهة الحاسمة وإرساء سيادة الأجواء عبر “خط فهد”

شهدت فترة الثمانينيات محطات بارزة في تاريخ سلاح الجو السعودي، تتمثل بالمواجهة الجوية مع إيران عام 1984؛ إذ اخترقت طائرات إيرانية الأجواء السعودية عدة مرات، وبعد محاولات دبلوماسية عديدة لإيقاف الخروقات، أصدر الملك فهد توجيهات حاسمة بإسقاطها، فتمكنت مقاتلات سعودية من إسقاط طائرتين من طراز F-4 Phantom؛ تبع ذلك إنشاء “خط فهد”، وهو خط وهمي جوي حُدد لمنع الطائرات الإيرانية من الاقتراب من المجال الجوي السعودي، ما عزز من سيطرة القوات الجوية السعودية على أجوائها وأظهر قوة ردع فعالة في المنطقة.

القوة الجوية السعودية حالياً ومبادرات التصنيع المحلي

صُنفت القوة الجوية السعودية في عام 2020 من قبل Global Firepower كثاني أقوى قوة جوية هجومية عالمياً، وذلك لامتلاكها أسطولاً جويًا ضخمًا يضم 848 طائرة متنوعة المهام، منها 244 مقاتلة مثل F-15 Eagle وتورنيدو وتاييفون ورافال، بالإضافة إلى 325 طائرة هجومية متعددة المهام، وطائرات استطلاع وحرب إلكترونية مثل Boeing E-3 Sentry، ومروحيات هجومية AH-64 Apache، مع امتلاك متقدم في طائرات التزود بالوقود جواً، حيث تحتل المركز الثالث عالميًا؛ وحرصت المملكة على تطوير صناعتها الجوية عبر مشاريع وطنية مثل تصنيع طائرات بدون طيار “الصقر” وطائرات “أن-132” بالتعاون مع أوكرانيا، إضافة إلى إنتاج طائرة LUNA الألمانية بترخيص رسمي.

  • توزيع أسطول الطائرات السعودية حسب النوع:
  • 244 مقاتلة متنوعة متقدمة
  • 325 طائرة هجومية متعددة المهام
  • طائرات استطلاع وحرب إلكترونية متقدمة
  • مروحيات هجومية حديثة
  • طائرات التزود بالوقود جواً في مركز عالمي متقدم

لا يقتصر دور سلاح الجو السعودي على القوة فقط، بل ظهر بوضوح في مشاركاته القتالية المتعددة التي شملت حروب فلسطين 1948 دعماً للجيش المصري، وحرب أكتوبر 1973 التي أرسلت خلالها أسراب طائرات لدعم مصر وسوريا، إضافة إلى حرب الخليج الثانية عام 1991 التي شهدت إسقاط طائرات سعودية مقاتلتين عراقيتين؛ كما شارك في العمليات ضد الإرهاب في سوريا وفي الحرب القائمة في اليمن التي بدأت عام 2015، من خلال تنفيذ ضربات جوية مركزة ضد الحوثيين.

هذه التطورات والتحولات المتسارعة تؤكد على مكانة سلاح الجو السعودي كقوة جوية رائدة في الشرق الأوسط، إذ يجمع بين التاريخ العريق والقدرات التقنية المتقدمة، ويظل في حالة تطور مستمرة تعزز من مكانة المملكة في خارطة الطيران الحربي العالمي.