كشف هام اليوم.. الذهب وأثره الاقتصادي والعوامل الأساسية التي تتحكم في أسعاره

الذهب يحتل مكانة بارزة في الاقتصاد العالمي، حيث يُعتبر من المستودعات الآمنة للقيمة كما يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار المالي لدول كثيرة حول العالم، ويمثل فهم العوامل المؤثرة في أسعار الذهب أمراً حيوياً لكل من المستثمرين والمهتمين بالاقتصاد.

قاعدة الذهب وأثرها على تقييم العملات وأسعار الذهب

كان الذهب منذ القدم حجر الزاوية في النظام النقدي، فبدأت العملات الذهبية في عهد كروسياس ملك ليديا نحو 550 قبل الميلاد، ولاحقاً أصبحت العملات الورقية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالذهب عبر نظام يعرف بقاعدة الذهب؛ حيث كانت قيمة العملة مرتبطة بكمية ثابتة من المعدن النفيس، مما أتاح للأفراد تحويل عملاتهم الورقية إلى ذهب بسعر محدد، وهو ما حافظ على استقرار قيم العملات وقيّد التضخم إلى حد كبير. انطلقت بريطانيا في تبني هذا النظام عام 1821، مما أدى إلى تثبيت الذهب كمقياس عالمي للقيمة بعد هيمنة الفضة. إلّا أن النظام توقف عملياً مع تفجر الحرب العالمية الأولى، وعاد الذهب إلى الواجهة بشكل جزئي بعد الحرب العالمية الثانية، قبل أن تُلغى قاعدة الذهب كلياً في 1971 بسبب نقص احتياطيات الذهب الأمريكية، وتحولت العملات إلى أنظمة نقدية معتمدة على الأوراق المالية فقط. رغم ذلك، لا يزال الذهب يُحتفظ به بكميات ضخمة من قبل المصارف المركزية كملاذ آمن في ظل تقلبات الاقتصاد، نظراً لانخفاض تذبذب قيمته مقارنة بالسلع والأسهم والعملات الأخرى.

دور الذهب في أوقات الحرب والتوترات العالمية وتأثيره على الأسواق

يشكل الذهب أداة ادخار مميزة للأفراد والشركات أثناء النزاعات والصراعات، فهو يمتاز بسهولة الحمل وقلة تأثره بتقلبات الأسواق مقارنة بالعملات الورقية، ويُعتبر عملة دولية سهلة التداول في مختلف أنحاء العالم. على سبيل المثال، عززت روسيا احتياطيها من الذهب بشكل كبير منذ عام 2010، ما جعله يمثل نسبة 23% من إجمالي احتياطياتها مطلع 2020، كجزء من استراتيجية لتخفيف تأثير العقوبات الاقتصادية الغربية الناتجة عن الأزمة الأوكرانية. استراتيجياً، تعتمد روسيا على ذهبها كصندوق تمويل للحرب، مستفيدة من كونها ثالث أكبر منتج للذهب عالمياً، مما يبرز أهمية المعدن النفيس كملاذ استراتيجي في أوقات الاضطراب السياسي والجيوسياسي.

العوامل الأساسية التي تتحكم في أسعار الذهب كاستثمار آمن

تتأثر أسعار الذهب بعدة عوامل رئيسية، تشمل العرض والطلب، والتضخم، وأسعار الفائدة، والتقلبات الجيوسياسية. فزيادة الطلب مع قلة المعروض تدفع الأسعار للارتفاع، والأمر نفسه ينطبق على زيادة معدلات التضخم وانخفاض أسعار الفائدة التي تحفز شراء الذهب كملاذ آمن. على صعيد العملات، ضعف العملة المحلية يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب نظير زيادة تكلفة شرائه، بينما تُشكل حالة عدم الاستقرار السياسي والصراعات تهديداً زاد من قيمة الذهب في الفترات الأخيرة. الأكاديمي ناصر قلاوون يشير إلى أن الذهب يعتبر استثماراً آمناً في الظروف التي تعاني فيها الأسواق من تقلب، لكنه يخسر جاذبيته عندما تزدهر الأسهم والسندات والعقارات. كما يختلف استهلاك الذهب بين الدول الصناعية التي تستهلك الذهب لأغراض صناعية متعددة، والدول العربية والهند التي تتحكم فيها العادات الاجتماعية حيث يستخدم الذهب للزينة والادخار عبر الهدايا والمناسبات الاجتماعية.

العامل التأثير على سعر الذهب
العرض والطلب زيادة الطلب مع قلة المعروض ترفع السعر والعكس صحيح
التضخم وأسعار الفائدة ارتفاع التضخم وانخفاض الفائدة يؤديان إلى زيادة السعر
أسعار العملات ضعف العملة المحلية يزيد من أسعار الذهب
التقلبات الجيوسياسية النزاعات وعدم الاستقرار ترفع أسعار الذهب

يظل الذهب مخزوناً استراتيجياً يعكس حالة الثقة في الاقتصاد العالمي؛ فهو يستجيب للتقلبات السياسية والاقتصادية بدرجة أقل من العديد من الأصول الأخرى، ما يجعله مؤشراً حساساً وأداة تحوط يمكن للمستثمرين الاعتماد عليها في أوقات عدم اليقين.