لماذا يعتبر الماء ضرورة حيوية لا غنى عنها في خطبة الجمعة المقبلة؟

الماء مقوّم أساسي للحياة والأحياء، فهو الهدية الإلهية التي تنبض بها الأرض، وتنبع منها كل صور الحياة، فلا حياة بدون ماء يستقيم بها وجود الإنسان والحيوان والنبات، ولا ازدهار للأرض بدون قطرة واحدة منه تُروى بها.

نعمة المياه مقوّم أساسي للحياة وأعظم ما أنعم الله به

الحمد لله الذي أنزل الماء بقدره، ففاض على الأرض خيرا وبركة، فجعل به الحياة تسير في الطبيعة وتحيا الكائنات، فقد عمّ بنزوله البادية والحضر، وسار في ينابيع وعيون صافية، منقياً طهوراً، يشبع الظمأ ويروي الأرواح، وهو أساس سر الوجود في هذا الكون؛ إذ لا بشرٌ ولا حيوان يعيش بدونه، ولا تزدهر الأرض إلا به. إننا أمام نعمة لا تُحصى، جل في علاه قال: {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا}، والماء أحد أعظم هذه النعم. تأملوا كيف تحيا الأرض بأقل قطرة ماء، فتُخضر وتزدهر وتنمو. قال تعالى: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}، ورغم بساطته في العين، فهو أغلى ما نملك حين نفقده، فيفقد الإنسان حياته وصحته واطمئنانه، وهذا ما يحثنا عليه الله سبحانه في كتابه لنشكر هذه النعمة ولا نهدرها، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ}. لذا وجب علينا أن لا نستهين بها، ولا نُبذرها، فالإسراف والاهدار من خصال المنافقين والمبذرين الذين قال فيهم الله: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}. وقد حثت تعاليم الدين على اقتصاد الماء وحسن استعماله، فقد كان الإمام أحمد رحمه الله مصداقًا لحرص الأولياء على تقليل الإسراف، حيث كان يتوضأ بأقل كمية ماء ممكنة، وما أحوجنا لاقتدائه في صون نعمة الماء والتعامل معها بتعظيم وتقدير.

كيفية الحفاظ على نعمة المياه واستخدامها بحكمة

هناك سلوكيات يومية تساعد في صون نعمة المياه وحمايتها من الهدر، ولا بد من الوعي بمعانيها حتى نستطيع المحافظة على مصدر الحياة الأهم:

  • عدم ترك صنبور الماء مفتوحًا أثناء الوضوء أو تنظيف الأسنان أو غسل الصحون
  • تجنب تنظيف السيارات أو الساحات بالماء الجاري بلا ضرورة أو مراقبة
  • تنظيم ري الحدائق بحيث لا يتم الإسراف في كمية الماء المستخدمة
  • الإحساس بمسؤولية الحفاظ على الماء عند كل فرد في المجتمع
  • التوعية الدينية والاجتماعية بأهمية الماء وفضائل الاقتصاد فيه

رسول الله صلى الله عليه وسلم بيّن أهمية الماء حين قال: «إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة هو جسده، فيُقال له: ألم نرزقك ماءً بارداً؟»، فما أعظم ما نُحاسب عليه إذا أهدرت أو ضيعت هذه النعمة الإلهية.

التكاتف الاجتماعي ودور التعاون في حماية موارد المياه

الحفاظ على الماء لا يقتصر على الجهد الفردي وحده، بل هو فريضة اجتماعية تتطلب التعاون بين أفراد المجتمع، فالتكاتف والتراحم شعور إنساني وإسلامي ضروري للمحافظة على النعم، والله تعالى أمر بالتعاون على البر والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان، بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. إن التكافل المجتمعي يعزز من استدامة الموارد المائية ويجعل الأمة أكثر قوة واستقرارًا في مواجهة تحديات نقص المياه أو الكوارث البيئية. الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم كان سندًا وذراعًا لكل محتاج ومتعاونًا مع مجتمعه في مصاعب الحياة، فكان مثالاً حضارياً في تحمل المسؤولية الاجتماعية.

التصرف النتيجة
الإسراف في استخدام الماء هدر النعمة وتدهور الموارد البيئية
الحفاظ على الماء استدامة الحياة وصحة الأجيال القادمة
التوعية والتثقيف المائي زراعة الوعي المجتمعي وتكاتف الجهود

في النهاية، كل جريان لقطرة ماء صرفناها بغير فائدة يحمل في طياته تحذيرًا ورسالة عميقة عن قيمة الماء، فلا شيء أعظم من أن نُحسن استغلال هذه النعمة، فهي مُقياس لتقديرنا لحياتنا ولعطاءات الله التي لا تُعوَّض.