ماجدة الرومي.. رحلة إبداع والتزام رغم تحديات الزمن

ماجدة الرومي واحدة من أشهر الفنانات العربيات اللاتي قدمن مسيرة طويلة من الإبداع والالتزام الفني، حيث جمعت في صوتها بين النقاء والقوة، ورسخت صورة مميزة للفن الراقي والرسالة الوطنية، محافظًة على قيم الجمال والصدق رغم كل تقلبات الزمن، مما جعلها رمزًا خالدًا في عالم الغناء العربي الكلاسيكي

ماجدة الرومي بين النشأة والبدايات الفنية المشرقة

ولدت ماجدة الرومي في 13 ديسمبر 1956 بمدينة كفرشيما اللبنانية، في أسرة فنية تمتلك إرثًا ثقافيًا عميقًا؛ فوالدها الموسيقار حليم الرومي هو الذي اكتشف صوت فيروز وقدّمها للعالم، ورثت ماجدة حب الموسيقى منذ نعومة أظافرها في بيئة صقلت موهبتها وصنعت منها فنانة مميزة. بدأت رحلتها الفنية بشكل جدي عام 1974 حين شاركت في برنامج “استديو الفن” الذي أطلق أسماء كبيرة في سوق الغناء العربي، حيث جذب صوتها الفريد الأنظار بغنائها لأغنية “يا طيور” للسيدة أسمهان، لتنال إعجاب لجنة التحكيم والجمهور معًا، وبذلك وضعت اللبنة الأولى لمسيرة حافلة بالإبداع والالتزام.

ماجدة الرومي والفن كرسالة إنسانية ووطنية

تميزت مسيرة ماجدة الرومي بأنها لم تكن فقط غناء، بل رسالة تحمل معانٍ إنسانية ووطنية عميقة، إذ حرصت على انتقاء كلمات أغانيها بعناية فائقة، متعاونةً مع عمالقة الشعر العربي مثل نزار قباني، سعيد عقل، جمال بخيت، ومارون نشّار، إلى جانب كبار الملحنين أمثال جمال سلامة، إحسان المنذر، ونور الملاح. قدمت مجموعة من الأغاني الخالدة التي شكلت أيقونات في تاريخ الموسيقى العربية، من بينها “كلمات” التي كتبها نزار قباني، و”بيروت ست الدنيا”، و”عم يسألوني عليك الناس”، و”أنا عم بحلم”، و”اعتزلت الغرام”. تنوعت مواضيع أغاني ماجدة الرومي بين الرومانسية والإنسانية والوطنية، وميزتها دائمًا رؤيتها العميقة ورقي الأداء، مما جعلها صوتًا فخمًا يعكس ثقافة الشرق وثراءه.

ماجدة الرومي صوت لبنان في أصعب المحطات وحضورها العالمي

ارتبط اسم ماجدة الرومي بلبنان ارتباطًا لا ينفصم، فكانت دائمًا صوت السلام والوحدة في أوقات الحروب والأزمات التي عصفت ببلدها، محافظًة على صورة لبنان الحضارية والثقافية من خلال أغانيها التي علّمت بها قيم الوحدة والكرامة. رغم حرصها على تجنب الصراعات السياسية الضيقة، إلا أنها لم تكن محايدة تجاه قضايا الإنسان ووحدة الوطن، لتصبح بذلك منبرًا للفنان الملتزم والمستنير. على المستوى الدولي، مثلت ماجدة الرومي العرب في حفلات ومهرجانات عالمية ومرموقة منها مهرجان قرطاج في تونس، مهرجان بعلبك الدولي في لبنان، دار الأوبرا المصرية، مهرجان جرش في الأردن، بالإضافة إلى مهرجانات باريس وروما ونيويورك، حيث أشاد كبار النقاد بفنها ووصفوا صوتها بأنه “أوبرالي شرقي” ذو حضور عالمي يليق بالموسيقى العربية الأصيلة.

  • ماجدة الرومي وأسلوبها الفني الفريد من نوعه
  • تعاونها مع كبار الشعراء والملحنين العرب
  • تمثيلها للفن اللبناني في المحافل الدولية
  • التزامها بالرسالة الإنسانية في أعمالها الفنية
  • حياتها الشخصية بعيدًا عن صخب الإعلام والفضائح

حياتها الشخصية تميزت بالهدوء والسرية، فهي أم لابنتين وتحرص على الابتعاد عن الصحافة الصفراء، محافظة على صورة فتاة الفن الراسخة التي ترى في الفن رسالة سامية وليست مجرد وسيلة للشهرة، ولم تسجل في حياتها أي خلافات أو فضائح، مما يعكس رصانتها والتزامها الأخلاقي والإنساني. إرث ماجدة الرومي لا يقتصر على مجموعة أغانيها الخالدة، بل هو أيقونة ثقافية عربية لا تزال تؤثر في الأجيال الجديدة، حيث يستمر حضور صوتها في الذاكرة الموسيقية مع تقديمها لحفلات مميزة، مؤكدة أن الفن الحقيقي يعبر عن الصدق والإيمان أكثر من كونه مرتبطًا بالعمر أو التقاليد.