ما هو خلل التنسج الليفي المعظم… تعرف على المرض النادر الذي يحوّل العضلات إلى عظام

خلل التنسج الليفي المعظم المترقي هو مرض نادر يحوّل العضلات إلى عظام بشكل تدريجي، ما يؤثر بشكل كبير على حركة المصاب ويهدد حياته بمضاعفات صحية خطيرة؛ يصيب هذا المرض نحو شخص واحد من كل مليوني إنسان على مستوى العالم، وتبدأ أعراضه في الظهور عادة خلال الطفولة لتتطور مع الوقت وتحدّ من جودة الحياة بشكل ملحوظ.

كيف يتطور خلل التنسج الليفي المعظم المترقي ويؤثر على العضلات والهيكل العظمي؟

يظهر خلل التنسج الليفي المعظم المترقي غالبًا من خلال تشوه في إصبع القدم الكبير عند الولادة؛ فهذا التشوه يُعد علامة مبكرة تساعد الأطباء على الشك بوجود المرض، ومع الوقت تتحول الأنسجة الرخوة مثل العضلات والأوتار والأربطة إلى عظام إضافية خارج الهيكل العظمي الطبيعي، وغالبًا تبدأ التغيرات في مناطق الرقبة والكتفين ثم تمتد تدريجيًا إلى باقي الجسم ما يؤدي إلى تقييد شديد في حركة المصابين، وقد يصل الأمر إلى فقدان القدرة على الحركة تمامًا في مراحل متقدمة من المرض، مما يجعل الحياة اليومية تحديًا كبيرًا.

الأسباب الجينية خلف خلل التنسج الليفي المعظم المترقي وتأثير الطفرة في جين ACVR1

ينشأ خلل التنسج الليفي المعظم المترقي بسبب طفرة في جين يُدعى ACVR1، وهو الجين المسؤول عن تنظيم بروتين العظام المورفوجيني (BMP) الذي يلعب دورًا حيويًا في نمو العظام والعضلات؛ فعندما يتعرض هذا الجين للطفرة، تصبح إشارات الجسم لنمو العظام خارجة عن السيطرة، فينتج عن ذلك تكوين عظام إضافية في أماكن غير طبيعية داخل العضلات والأنسجة الرخوة؛ في معظم الحالات تكون هذه الطفرة عشوائية وجديدة، لكن يمكن أن تنتقل وراثيًا إذا كان أحد الوالدين حاملًا للجين المعيب، ما يرفع احتمالية إصابة الطفل بالمرض بنسبة 50%.

الأعراض المبكرة والتشخيص الدقيق لمرض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي

إلى جانب التشوه الواضح في إصبع القدم الكبير، يظهر على المصابين أعراض متنوعة تتمثل في:

• تحول الأنسجة الرخوة إلى عظام في مواضع العضلات
• محدودية أو فقدان كامل للقدرة على الحركة
• آلام وتصلب في المفاصل تؤثر على الحياة اليومية
• صعوبة في الأكل والكلام نتيجة لتصلب العضلات
• تشوهات في الأصابع الكبيرة باليد أو القدم
• ضعف السمع الناتج عن التغيرات العظمية
• مشكلات في التنفس بسبب نمو العظام حول القفص الصدري
• تورم وأحمرار مؤلم في مناطق متعددة بالجسم
• انحناء في العمود الفقري سواء انحراف جانبي (جنف) أو تقوس أمامي (حداب)

مع تقدم الحالة، قد تتفاقم الأعراض لتشمل التهابات الجهاز التنفسي و قصور القلب، ما يزيد من خطورة المضاعفات التي تهدد الحياة إذا لم تُعالج بشكل مناسب.

ويتطلب تشخيص خلل التنسج الليفي المعظم المترقي خبرة طبية عالية، إذ قد يشبه أعراض أورام الأنسجة أو حالات مثل السرطان أو الورم الليفي؛ ويجري التشخيص عادةً بناءً على الفحص السريري الدقيق، التاريخ الطبي، والاختبارات الجينية لتحديد وجود الطفرة المسؤولة، مع تحذير من إجراء الخزعات أو الجراحات غير الضرورية التي قد تُحفز نمو العظام غير الطبيعي وتفاقم الحالة.

خيارات العلاج وإدارة الحالة في مرض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي

حتى الآن، لا يوجد علاج نهائي لمرض خلل التنسج الليفي المعظم المترقي، لكن تواصل الأبحاث والتجارب السريرية يفتح آفاقًا جديدة للسيطرة على المرض مستقبلاً. يركز العلاج الحالي بشكل رئيسي على تقليل الأعراض وإدارة الحالة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الحركة وجودة الحياة، ويتم ذلك عبر:

• العلاج الفيزيائي المستمر للحفاظ على مرونة العضلات وحركتها
• تناول أدوية مضادة للالتهابات مثل الكورتيكوستيروئيدات لتخفيف الألم والتورم
• الوقاية من التهابات الجهاز التنفسي من خلال المضادات الحيوية الوقائية
• استخدام معدات مساعدة مثل الكراسي المتحركة لتسهيل التنقل
• تقديم الاستشارات الوراثية والدعم النفسي والاجتماعي للمريض وأسرته

تنمو الأبحاث الجينية بسرعة، ما يمنح أملًا بتطوير علاجات تغيّر مسار المرض وتمنع تطور تكوين العظام غير الطبيعي في المستقبل، خاصة بعد اكتشاف الطفرة الجينية المسببة لخلل التنسج الليفي المعظم المترقي؛ ويظل التشخيص المبكر والوعي بأعراض المرض حجر الزاوية لتحسين حياة المرضى وتمكينهم من التعايش مع التحديات التي يفرضها هذا المرض النادر.