محطة حاسمة اليوم.. كيف تواجه مصر أزمة الدولار مع استمرار النمو الاقتصادي؟

ازدادت تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، مما ساهم في تخفيف حدّة الأزمة الاقتصادية التي استمرت عامين، ولكن لا تزال مخاطر عودة أزمة النقد الأجنبي قائمة؛ لذلك من الضروري فهم خريطة تدفقات الدولار إلى البلاد بشكل دقيق لضمان استقرار سوق الصرف وتحقيق توازن مستدام في ميزان المدفوعات.

تطور مصادر النقد الأجنبي في مصر وأثرها على الاستقرار الاقتصادي

شهدت مصادر النقد الأجنبي في مصر تغيرات ملحوظة خلال العقد الماضي، حيث تنوعت موارد الدولارات بين صادرات السلعية والبترولية وتحويلات المصريين بالخارج، إضافة إلى إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي وقناة السويس. ورغم الزيادة اللافتة في بعض هذه المصادر، فإن وتيرة نمو هذه الموارد لم تواكب الطلب المتصاعد للاقتصاد المصري، مما أدى إلى اتساع الفجوة النقدية وتكرار أزمات العملة الأجنبية؛ فالأرقام تؤكد أن الصادرات تغطي أقل من 45% من الواردات غير النفطية، وهو مؤشر على استمرار نقص العملات الأجنبية في السوق، مما يعكس تحديات عميقة تواجه الاقتصاد المصري.

تحويلات المصريين بالخارج ودورها المحوري في تدفق النقد الأجنبي

ارتفعت تحويلات المصريين العاملين في الخارج بنسبة 69.6% خلال الفترة من يوليو حتى مايو من العام المالي 2024-2025، لتصل نحو 32.8 مليار دولار، ما يجعلها أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد. هذه التحويلات تساهم بشكل مباشر في تعزيز الاحتياطي النقدي وتحقيق توازن نسبي في ميزان المدفوعات، لاسيما في ظل التحديات التي تواجه صادرات مصر السلعية التي بلغت قيمتها 40.8 مليار دولار في 2024 مع نمو سنوي 14%، إضافة إلى إيرادات السياحة وقناة السويس التي تمثل ركائز أساسية لدعم الموارد الدولارية.

التحديات التي تواجه موارد مصر من النقد الأجنبي والحلول المقترحة

تعاني الموارد الدولارية في مصر من ضغوط كبيرة بسبب ارتفاع مديونيات قصيرة الأجل تشمل أقساطاً وفوائد تشكل عبئاً على الاقتصاد؛ ما جعل حصيلة النقد الأجنبي غير كافية لتغطية الالتزامات المالية المتزايدة. ويوضح الخبراء أن الإصلاح الاقتصادي الهيكلي يعد المفتاح لتحريك عجلة النمو وتعزيز الموارد الدولارية، مع ضرورة تسريع التنمية في القطاع السياحي لجذب استثمارات أجنبية جديدة. كما يُبرز الخبير ضرورة الاستفادة من برنامج الطروحات الحكومية وإعادة استثمار الأصول العامة مثل الموانئ البحرية بكفاءة لتحقيق نقلة نوعية في تدفقات النقد الأجنبي.

إضافة إلى ذلك، يُشدد الخبراء على أهمية انسحاب الدولة التدريجي من النشاط الاقتصادي المباشر، مع تركيز دورها على التشريعات والرقابة لضمان بيئة تنافسية عادلة وجاذبة للاستثمارات، كما يظهر نموذج صفقة رأس الحكمة مع الإمارات التي اعتمدت على دور الدولة التنظيمي والمحفز، حيث تولى المستثمرون عمليات التطوير والتمويل. على صعيد الدعم الدولي، أعاد صندوق النقد الدولي جدولة مراجعات برنامج الدعم المالي إلى الخريف المقبل، نتيجة لتأخر تنفيذ برنامج تخارج الدولة من القطاعات الاقتصادية، ما يؤكد أهمية الاستمرار في إصلاحات الاقتصاد لضمان تدفقات نقد أجنبي أكثر ثباتًا ومتانة.