محمود محيي الدين يحذر من المبالغة في تقدير مكتسبات البريكس—فما هي الحقيقة؟

البحث عن تقييم مكتسبات تجمع البريكس وأثرها الاقتصادي والسياسي بات محور نقاش عالمي متزايد، خاصة بعد التصريحات الأخيرة للدكتور محمود محيي الدين المبعوث الأممي الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية المستدامة، الذي حذر من المبالغة في تقدير إنجازات البريكس رغم موقعه المتميز بين الدول الاقتصادية.

مكتسبات تجمع البريكس: إطار التعاون وفرص تعزيز الاستقلال الاقتصادي

أكد الدكتور محمود محيي الدين أن تجمع البريكس يقدم بالفعل فرصًا مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دوله الأعضاء التي تتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي ملحوظ، ولكن لا ينبغي اعتباره بديلاً عن النظام المالي العالمي الحالي، الذي يظل قائمًا بقوة على الدولار واليورو، اللتين تعتبران الدعائم الأساسية في الاحتياط المالي العالمي. وقد رفض محيي الدين فكرة إطلاق عملة عالمية موحدة للبريكس مثل “بريكساوي” لتحل محل العملات الأساسية، مشيرًا إلى أن استخدام العملات المحلية في المقاصة التجارية بين دول التجمع يعزز الاستقلالية الاقتصادية دون المساس بالهيكل العالمي القائم، ما يمنح أبعادًا جديدة لتعزيز الشراكة المالية المعتدلة.

التحديات الاقتصادية العالمية وعوامل الحياد تجاه مكتسبات تجمع البريكس

في إطار المتغيرات العالمية، أشار المبعوث الأممي إلى وجود جهود دولية واضحة تستهدف ضبط وتقييد صعود الصين الاقتصادي، ومنعها من تخطي المرتبة الثانية بين الاقتصادات الكبرى، وهو ما يؤثر بشكل غير مباشر على ديناميكية تجمع البريكس. كما تناول محيي الدين سياسات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لافتًا إلى القيود التي فرضها على التجارة والتكنولوجيا والتي أثرت سلبًا على الابتكار العلمي، خاصة ما يتعلق بالإجراءات ضد الجامعات الأمريكية. ورغم أن الولايات المتحدة تسيطر على 25% من الاقتصاد العالمي، حذر محيي الدين من أن هذا الموقع قد لا يستمر لفترات طويلة، داعيًا إلى تجنب الانجرار خلف المصالح قصيرة المدى التي قد تمتص فرص نمو أكبر للدول الأخرى، بما فيها أعضاؤه في البريكس.

اقتصاد مصر وفرص التنمية في ظل تقييم مكتسبات تجمع البريكس

ركز الدكتور محمود محيي الدين على الوضع الاقتصادي المصري، مؤكدًا أن مصر تجاوزت مرحلة الأزمة الحادة، وحان الوقت لإعداد خطة تنموية شاملة، تسبق انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي. وقد أشارت تقارير الصندوق إلى تحسن ملحوظ في مؤشرات النمو وانخفاض التضخم، ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية المعتمدة. ومن هنا، شدد محيي الدين على ضرورة توسيع التحالفات الدولية بهدف توفير فرص عمل جديدة، مستندًا إلى الكفاءات البشرية الكبيرة التي تمتلكها مصر، والتي تحتاج إلى دعم استثماري وتصديري متوازن لتعزيز دورة التنمية الاقتصادية المستدامة. ويمكن تلخيص الخطوات المطلوبة لتعزيز التنمية في مصر فيما يلي:

  • وضع خطة تنموية شاملة قبل نهاية برامج الصندوق
  • توسيع نطاق التحالفات الاقتصادية الدولية
  • تعزيز الاستثمار في الكفاءات البشرية ودعم التصدير
المؤشر الوضع الحالي
معدل النمو الاقتصادي مرتفع ومستقر
معدل التضخم متراجع بشكل ملحوظ
فرص العمل في تزايد مع تحسن البيئة الاستثمارية

يبقى التحدي الحقيقي في كيفية الاستفادة من مكتسبات تجمع البريكس بشكل مدروس ومتوازن، يراعي التغيّرات السياسية والاقتصادية العالمية، ويبني على الواقع العملي دون إفراط في التهويل أو التوقعات التي قد لا تتوافق مع التطورات المستقبلية، مع التأكيد على ضرورة وجود نظام مالي عالمي أكثر عدالة يحترم مبادئ الشراكة والتنمية المشتركة بعيدًا عن أي شكل من أشكال الهيمنة أو النفوذ الأحادي الجانب بما يضمن استقراراً وتنمية حقيقية للدول الأعضاء وللمجتمع الدولي بأسره.