مديحة كامل تكشف كيف شكّل نجيب محفوظ مسيرتها الفنية وأبرز أدوارها المميزة

ولدت الفنانة المصرية مديحة كامل في الثالث من أغسطس عام 1948، وارتبط اسمها دومًا بجمال الشاشة وحضورها الفريد، لكنها تميزت أكثر بقدرتها على تجسيد أدوار معقدة في الدراما الإنسانية، مستمدة من أعمال أدبية محلية وعالمية. لم تكن مجرد وجه جميل في السينما، بل اختارت بعناية أدوارًا تمنحها عمقًا فنيًا وإنسانيًا، مما جعلها علامة مميزة بين نجمات الدراما المصرية.

البدايات الفنية مع نجيب محفوظ وأهم الأدوار الأدبية

بدأت مديحة كامل مسيرتها الفنية عام 1970 بفيلم “دلال المصرية” الذي تميز بسناريو شارك في كتابته نجيب محفوظ، مما أتاح لها أول فرصة للارتباط بالأدب العالمي من خلال السينما. وفي ذات السنة، تألقت بدور صغير في فيلم “الاختيار” من إخراج يوسف شاهين، حيث تناول الفيلم موضوع انفصام الشخصية في إطار بوليسي نفسي، وشارك نجيب محفوظ أيضًا في كتابته. كانت تجربة مديحة في فيلم “السكرية” عام 1973 محورية، إذ قدمت شخصية موظفة في دار نشر وزوجة لأحد أبناء عائلة عبدالجواد، مقتبسة من الجزء الثالث من ثلاثية نجيب محفوظ، لتسلط الضوء على التحولات الاجتماعية التي طرأت على جيل جديد من المصريين.

تجارب مديحة كامل في أعمال مقتبسة من الأدب العالمي

اتجهت الفنانة مديحة كامل في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات نحو المشاركة بأدوار مستوحاة من الكلاسيكيات الأدبية العالمية، حيث أظهرت براعة كبيرة في تجسيد الشخصيات التي تحمل أبعادًا نفسية وإنسانية عميقة. في فيلم “دعاء المظلومين” عام 1977، قدمت دور منار في عمل مقتبس من المسرحية الفرنسية “الولدان الشريدان” للكاتب بيير كورسيل. أما في “الرغبة” 1980، جسدت شخصية هالة التي استُلهمت من شخصية ديزي في رواية “غاتسبي العظيم”، إذ جمع الفيلم بين مشاعر الحنين والحب وتباين الطبقات الاجتماعية. وكانت مشاركتها في “أشياء ضد القانون” 1982 نابضة بقضايا الضمير والعدالة، إذ استند الفيلم إلى رواية “البعث” للأديب الروسي ليو تولستوي. كما أبدعت في “عيون لا تنام” 1981، المقتبس من مسرحية “رغبة تحت شجرة الدردار” لأوجين أونيل، حيث أدت شخصية معقدة تتصارع مع الطمع والعاطفة وأمومة زائفة.

أدوار نسائية حقيقية من رحم الأدب المصري المعاصر

لم تغب علاقة مديحة كامل بالأدب المصري الحديث، فاختارت تمثيل شخصيات نسائية واقعية ترتكز على التعقيد النفسي والعاطفة المتشابكة. جسدت دور سعاد في فيلم “بعيدًا عن الأرض” 1976، المأخوذ من رواية إحسان عبد القدوس، وظهرت في “أمواج بلا شاطئ” في دور سوزي، وهو عمل مقتبس من رواية ثروت أباظة، شاركت فيه مع شادية ومحمود مرسي. بالإضافة إلى ذلك، قدمت دور زينات في فيلم “ولكن شيئًا ما يبقى” 1984، حيث جسدت عشيقة المحتال عزيز في دراما تستعرض الخداع والانهيار الأخلاقي استنادًا إلى رواية فتحي أبو الفضل.

كانت اختيارات مديحة كامل تعكس وعيًا فنيًا عميقًا، حيث جمعت بين الجاذبية والصدق الفني في تقديم أدوارها المختارة من الأدب، مما منحها مكانة خاصة في قلب الجمهور الذي بحث دومًا عن الدراما الواقعية والتمثيل الصادق. ورغم رحيلها المبكر عام 1997، تظل مديحة كامل أيقونة من أيقونات السينما المصرية تجسد صورة الأنثى المركبة بين الرقة والقوة، والسطوع الخارجي والتعقيد الداخلي.