مشروع قانون مثير للجدل في العراق يضع المادة 38 تحت المجهر.. ما تهديدات الحقوق؟

حماية حرية التعبير والتظاهر السلمي في العراق تواجه تحديات كبيرة مع إدراج مشروع قانون جديد يثير مخاوف واسعة حول تقييد هذه الحريات، خصوصًا في ظل التفاصيل المثيرة للجدل في نصوصه التي تثير تساؤلات عن مدى توافقها مع الدستور والمواثيق الدولية.

المشروع الجديد لقانون حرية التعبير والتظاهر السلمي: إشكالات ومخاوف حقيقية

عاد مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي إلى واجهة النقاش السياسي والحقوقي في العراق، بعد أن أدخله مجلس النواب ضمن جدول جلساته لمناقشة تفاصيله قبل التصويت عليه، ما أثار انقسامًا بين من يعتبره ضرورة لتنظيم الحريات، ومن يحذر من أن صياغته الحالية تحمل العديد من المخاطر على الحقوق الأساسية. الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين اتهمت المجلس بـ”التعمد” في عدم نشر مسودة المشروع، مما يقلل من شفافيته، ويزيد من حالة الريبة حول نوايا تشريعه. الحقوقية أنوار الخفاجي أكدت أن المشروع يواجه انتقادات خطيرة من منظمات دولية مثل العفو الدولية التي اعتبرت صياغته انتكاسة للحرية، مشددة على أن بنودًا مثل ضرورة الحصول على إذن مسبق للتظاهر، وحظر الأقنعة، وفرض أوقات محددة للفعاليات، تلقي بظلالها على مدى حرية التعبير والتجمع. استخدام مصطلحات غامضة مثل “النظام العام” و”الآداب العامة” يشكل خطرًا كبيرًا، لأنه يفتح الباب للتوسع في تطبيق القانون بطرق تعسفية تقيد الأصوات المعارضة، خاصة مع محدودية استقلال القضاء.

ضرورة تعديلات جذرية في قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي لضمان عدم التقييد

الخبير القانوني علي التميمي أشار إلى وجود 17 ملاحظة دستورية وقانونية جوهرية على مشروع القانون، تضمنت نقصًا في تعريفات المصطلحات الأساسية مثل الاعتصام والإضراب والنظام العام، الأمر الذي يبرز احتمالات سوء الاستخدام والتأويل. كما انتقد التميمي منح مفوضية حقوق الإنسان صلاحيات الفصل في الطعون المتعلقة بالتظاهرات، معتبرًا أن هذه الصلاحيات يجب أن تكون من اختصاص القضاء الإداري لضمان مبدأ الفصل بين السلطات. وشدد على أهمية إدراج نصوص واضحة لمساءلة الأجهزة الأمنية عن أية تجاوزات، مع تطبيق تدريجي للقانون بعد إصدار التعليمات الوافية، والتي يجب أن تصدر عن مجلس الوزراء لضمان حياديته بدلاً من الجهات الأمنية نفسها. كما دعا إلى استبدال العقوبات الجسدية بغرامات مالية، والامتناع عن إحالة المخالفات إلى قانون العقوبات العراقي لعام 1969، إضافة إلى استبدال نظام الحصول على إذن مسبق للتظاهر بمبدأ الإشعار فقط، وهو المعمول به في العديد من الدول. كذلك، لفت الانتباه إلى ضرورة إضافة عبارة “بما لا يتعارض مع الدستور” للحد من استخدام عبارات فضفاضة قد تُفسر لتعطيل الحقوق بصورة غير دستورية. وعبّر التميمي عن مخاوفه المتعلقة بالقيود المفروضة على الاجتماعات الخاصة والمنظمات الدينية، نتيجة تحديد مواعيد الفعاليات حتى العاشرة مساءً، ما يحد من الحريات بشكل غير مبرر. كما انتقد المادة التي تسمح باستخدام القوة في فض التظاهرات، مؤكدًا ضرورة الالتزام بالمعايير الدولية في هذا المجال. وطلب إضافة نصوص تمنع التظاهرات التي تروج للطائفية أو المثلية وفقًا للقوانين العراقية السارية.

مخاوف حقوقية وتحذيرات من استغلال قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي لتقييد الحريات

المحلل السياسي مجاشع التميمي حذر من أن صيغة مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي في شكلها الحالي قد تُستغل لتقييد الحريات بدلًا من حمايتها، مستندًا إلى استخدام مصطلحات فضفاضة مثل “النظام العام” و”الآداب العامة” التي قد توجه لإنهاء الأصوات المعارضة عبر القانون. وأوضح أن تمرير القانون بهذا الشكل قد يخدم مصالح جهات نافذة تسعى لتعزيز سيطرتها على المشهد السياسي مع اقتراب الانتخابات، مما قد يفتح المجال أمام القمع والاعتقالات التعسفية، وسط غياب وضوح تعريف الأماكن العامة والخاصة ومسؤوليات الجهات الأمنية. وللحفاظ على الحقوق الأساسية، دعا التميمي إلى إعادة صياغة القانون بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، مع ضمان وجود نصوص واضحة تنظم فض التظاهرات بشفافية، وفقًا للمعايير الدولية، والالتزام بالمادة 38 من الدستور العراقي التي تكفل حرية التعبير والتظاهر السلمي. وفي الوقت ذاته، عبر حسين المولى المتحدث باسم مركز الإعلام الرقمي عن ضرورة وجود قانون ينظم حق التظاهر بشكل يحفظ الحقوق ويحمي المتظاهرين، دون أن يتحول إلى أداة تقييدية، لافتًا إلى أن مشروع القانون خضع لقراءتين برلمانيتين لكنه لا يزال بحاجة إلى تطوير نصوصه لضمان وضوحها وبقائها ضمن الدستور.

النقطة التفصيل
عدد مواد القانون 17 مادة
عدد ملاحظات الطعن 17 ملاحظة جوهرية
المخاوف الأساسية تعريفات غير دقيقة، صلاحيات مفوضية حقوق الإنسان، فرض إذن مسبق، قيود على الاجتماعات الخاصة
المطالب الرئيسية استبدال العقوبات الجسدية بالغرامات، تطبيق تدريجي، إشعار فقط للتظاهر، نصوص لمساءلة الأجهزة الأمنية
تاريخ القراءة الأولى 3 ديسمبر 2022
تاريخ القراءة الثانية 9 مايو 2023
  • مشروع قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي يعكس صراعًا بين الحريات والقيود الأمنية.
  • يحتاج القانون إلى تعديل جذري يشمل تحديد المفاهيم وصلاحيات الجهات القانونية.
  • الغموض في المصطلحات قد يُستخدم لقمع المتظاهرين والمخالفين، مما يستدعي رقابة مشددة.
  • التنسيق مع منظمات المجتمع المدني ضروري لصياغة قانون يضمن الحقوق دون انتهاكها.
  • تطبيق القانون تدريجيًا مع إشراف قضائي يضمن احترام الحريات ويقلل من التعسف.