مفتي مصر يجيب: ما حكم الصداقة بين الرجال والنساء وهل تُعتبر محرمة؟

الصداقة بين الجنسين لا تعتبر محرمة بشكل مطلق، بل تصبح محرمة إذا تجاوزت الضوابط الشرعية التي تحكم هذه العلاقة الاجتماعية المهمة، وهو ما أوضحه الدكتور علي جمعة، مفتي مصر السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، خلال حديثه في برنامج “نور الدين والدنيا” على القناة الأولى وقناة CBC.

الشروط الشرعية للصداقة بين الجنسين وأوجه التشابه مع شروط الوضوء

أوضح الدكتور علي جمعة أن العلاقة بين الشاب والفتاة تحتاج إلى ضوابط واضحة وصارمة تشبه شروط الوضوء للصلاة، فكما أن الصلاة لا تتم إلا بإقامة أركان الوضوء كاملة، فإن الصداقة بين الجنسين تتطلب التزام العفة، الوضوح، والرقابة من كبار السن لتضمن سلامتها واستقامتها؛ إذ أن الإخلال بهذه الشروط قد يؤدي إلى تجاوزات محرمة أو غير مقبولة. وبهذا التناسب دقة العلاقة مع شروط واضحة تحكمها، لتجنب الغموض ولتحقق حماية طبيعية تليق بالمجتمع الإسلامي.

دلالة تعبير “عبط مشلتت” في توضيح التحذير من خلط الحلال والحرام

في موقفه المثير للجدل، استخدم جمعة تعبير “عبط مشلتت” لوصف محاولة البعض الجمع بين الحلال والحرام في العلاقات بين الجنسين دون التزام كامل بالضوابط الشرعية، مثل شخص يقوم ببعض خطوات الوضوء فقط ويعتقد أن صلاته صحيحة؛ فوصفه بهذا التعبير يسلط الضوء على خطورة التهاون في شروط الصداقة التي تحتاج إلى تكامل كامل لضمان صحة العلاقة وعدم تجاوز الحدود الشرعية. وقد أكد أن أي مخالفة لهذه الضوابط تضفي على العلاقة طابعًا غير منضبط مهما كان ظاهرها.

ضرورة إشراف الأهل كأحد أعمدة العلاقة بين الشاب والفتاة

جاء تأكيد مفتي مصر السابق على أهمية إشراف الأهل معبرًا عن ضرورة وجود رقيب وعارف بالعلاقة التي تنشأ بين الطرفين، فالشاب الذي يحب فتاة عليه أن يخاطب والدها مباشرة، ويطلب إشرافه على العلاقة، ليضمن بذلك نقاء ووضوح العلاقة وسلامتها؛ إذ قال: “عاوزك تشرف عليّ لأنني مش قادر مقولهاش، فاعتبرني ابنك”. هذا الإشراف هو عامل أساسي في منع التجاوزات ويُسهم في تقوية الروابط الاجتماعية بما يتوافق مع الشريعة والأعراف، كما يخلق جوًّا آمنًا للعلاقة دون دخول في خفايا أو مخالفات.

توضيح موقف الحديث النبوي “من عشق وكتم وعف” ودوره في فهم العلاقات العاطفية

تناول جمعة الحديث الشريف “من عشق وكتم وعف حتى مات فهو شهيد” ليثير جدلاً من جديد، مؤكدًا أن الحديث صحيح وثابت في كتب العلماء، وليس ضعيفًا كما يظن البعض. وأشار إلى أن النبي ﷺ بيّن أن من يتمسك بالعفة ويكتم مشاعره هو في منزلة الشهيد، معرّفًا بذلك إطارًا شرعيًا للعلاقات العاطفية التي يجب أن تقام في نور الوضوح ومعرفة الأهل، بعيدًا عن السرية أو الخيانة. وهذا الموقف يؤكد على أهمية الصراحة والشفافية في الروابط الإنسانية، علاوةً على ضرورة الالتزام بالقيم الدينية.

الصداقة بين الجنسين ليست محرمة عندما تحترم الضوابط الشرعية التي تحافظ على الطهارة والعفة، كما أن الالتزام بالتواصل الواضح تحت إشراف الأهل يضمن سلامة العلاقة ويبعد عنها التجاوزات التي يرى الشرع حرمتها بحزم؛ لذا فإن أي علاقة تفتقر لهذه الضوابط قد تؤول إلى مخالفات دينية واجتماعية تضر بالذات والمجتمع. وبينما يُعيد الدكتور علي جمعة طرح الموضوع للنقاش، فإنه يقدم رؤية متزنة تجمع بين الالتزام الشرعي والحاجة إلى فهم واقع العلاقات الاجتماعية في العصر الحديث.