مواجهة حاسمة اليوم.. مكاسب روسيا الواضحة وخسائر أوكرانيا في لقاء ترامب وبوتين

التقارب بين ترامب وبوتين في ألاسكا وأثره على الأزمة الأوكرانية

شهدت قمة ألاسكا بين بوتين وترامب لقاءً حيويًا تناول الأزمة الأوكرانية التي تشكل المحور الأساسي للصراع الدولي في الوقت الراهن، حيث حرص كل من الطرفين على إبراز مواقفهم السياسية والاستراتيجية بطريقة تؤكد أهمية الدور الروسي بقيادة بوتين في المشهد العالمي.

تعرف على بوتين ومسيرته وتأثيره في السياسة الدولية

فلاديمير بوتين، الذي ولد في لينينغراد عام 1952، بدأ حياته المهنية كعميل في جهاز الاستخبارات السوفيتية KGB، ثم تحول إلى السياسة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث شغل منصب رئيس وزراء روسيا قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية في عام 2000. تمكن بوتين من المحافظة على نفوذه السياسي والحكومي لمدة طويلة سواء كرئيس أو كرئيس وزراء، ليصبح واحدًا من أطول الزعماء الروس بقاءً في السلطة منذ عهد ستالين، ويبرع في تدوير اللعبة الدولية لصالح روسيا عبر مزيج متقن من القوة العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية، ما جعله لاعبًا رئيسيًا في السياسة الدولية بفعل توافق عدة عوامل أساسية تحت قيادته.

قمة بوتين وترامب في أجواء التوتر وأهم الرسائل السياسية

التقى بوتين وترامب في قمة استمرت لثلاث ساعات في ألاسكا وسط أجواء مشحونة بسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، حيث حرص ترامب على وصف اللقاء بالمثمر رغم عدم التوصل لأي تفاهمات رسمية لوقف إطلاق النار. هذه القمة لم تخلو من أهمية سياسية حيث بقي بوتين هو الطرف الذي يؤكد حضوره الدولي ولا يمكن تجاهله في أي حوار حول مستقبل أوكرانيا والأمن الأوروبي، معززًا بذلك مكانة روسيا كلاعب لا غنى عنه في المنطقة وفي صراعاتها الإقليمية والدولية المتشابكة.

الحرب في أوكرانيا كقضية مركزية بمواقف بوتين وترامب المتضاربة

منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022، أثبت بوتين أن الصراع ليس مجرد نزاع حدودي، بل مسألة وجود بالنسبة لروسيا التي تسعى لوقف مد نفوذ الناتو نحو حدودها، في حين تراها الولايات المتحدة وحلفاؤها تهديدًا مباشرًا لاستقرار أوروبا وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. أصر بوتين في القمة على ضرورة التعامل مع “الأسباب الجذرية” للصراع، مطالبًا بالاعتراف بسيطرة موسكو على بعض الأراضي الأوكرانية وحياد أوكرانيا بعيدًا عن التكتلات العسكرية الغربية. من جهته، حاول ترامب المناورة بين ضغوط الداخل الأمريكي والممارسة الدبلوماسية، مقترحًا قمة ثلاثية تشمل بوتين وزيلينسكي دون أن يقدم خططًا واضحة لكسر الجمود الحالي.

تكمن مكاسب بوتين من هذه القمة في تحطيم العزلة السياسية التي عانت منها موسكو خلال الأزمة، إذ أظهر قدرته على الجمع بين القوة العسكرية والسياسة الدبلوماسية، مستغلًا هذا اللقاء لطرح موضوع الحد من الأسلحة النووية مما يعزز صورته كزعيم متوازن قادر على تحقيق النفوذ الدولي. في الوقت ذاته، يبقى مستقبل الحرب في أوكرانيا مرتبطًا بمواقف الطرفين، حيث يرفض زيلينسكي التنازل عن الأراضي، فيما يستمر بوتين في تشديد مطالبه، ولا تلوح في الأفق مؤشرات تدفع نحو تصعيد سريع أو حلول جذرية.

هذه القمة لم تُظهر اختراقًا في الأزمة، لكنها أكدت أهمية بوتين كلاعب سياسي لا يمكن تجاهله عند مناقشة مستقبل الأمن الأوروبي والدولي، مع بقاء اسمه حاضرًا في قلب تطورات الصراع بأوكرانيا وعالم السياسة العالمي؛ وجهًا يرمز للصراعات المعقدة بين المصالح والقوى العظمى التي تحكم معالم الجغرافيا السياسية في الوقت الراهن.