نقاش ساخن في الملتقى الثقافي المصري العربي البريطاني حول الصراع على الممرات البحرية في 26-07-2025

قناة السويس وأهميتها في الصراع على الممرات البحرية وتأثيره على التجارة الدولية

استضاف الملتقى الثقافي المصري العربي البريطاني مساء أمس الجمعة الزميل مصباح قطب، محرر الاقتصاد بجريدة المصري اليوم، في لقاء عبر منصة زووم لمناقشة الصراع على الممرات البحرية وأثره المباشر على مسارات التجارة العالمية، حيث قدم قطب رؤية تاريخية توضح سعي القوى الكبرى والامبراطوريات المتعاقبة إلى فرض السيطرة على طرق التجارة البحرية والبرية.

الصراع على الممرات البحرية وأهمية قناة السويس في التجارة الدولية

تُعد قناة السويس من أبرز الممرات البحرية التي تتوسط طرق التجارة العالمية؛ فهي محور حيوي يربط بين الشرق والغرب، ولهذا تحظى بأهمية استراتيجية تثير تنافساً دولياً حاداً. وقد تناول مصباح قطب في الندوة إعلان اللجنة الفيدرالية الأمريكية للنقل في مارس 2025 عن نيتها التحقيق في وجود مخالفات أو قيود تتعلق بالتجارة أو مرور السفن الأمريكية عبر المضايق والقنوات الحيوية مثل ملقا، سنغافورة، جبل طارق، القناة الإنجليزية، قناة السويس، الخط الشمالي وقناة بنما، مع فرض عقوبات على الدول أو الشركات التي لا تستجيب للإصلاحات المطلوبة. كما أكدت اللجنة على ضرورة الحد من هيمنة الصين على صناعة السفن التجارية، ما يعكس تصعيداً جديداً في الصراع بين الولايات المتحدة والصين وتصعيد سياسي وعسكري للتجارة العالمية، مع تحدٍ واضح لسيادة الدول والقوانين الدولية التي تضبط المرور في هذه الممرات، ومنها اتفاقية القسطنطينية التي تنظم حركة السفن في قناة السويس في أوقات السلم والحرب.

المخاطر والفرص في قناة السويس ضمن سياق الصراع على الممرات البحرية

شرح قطب بالتفصيل المواقف المختلفة في الممرات البحرية، كما بين أهداف الولايات المتحدة في التركيز على هذه النقاط الحساسة، مسلطاً الضوء على الصدامات الجغرافية والسياسية بين طرق الحرير الصيني والهندي، والتوترات التي تديرها أمريكا بين الخليج وإسرائيل وأوروبا. وفيما يخص قناة السويس، أوضح أن هناك توجهات أمريكية لأخذ دور في إدارتها أو السيطرة جزئياً على مواردها، مستغلين حالة الاضطراب في البحر الأحمر والتوترات عند حدود غزة جراء العدوان الإسرائيلي ومحاولات التهجير كوسائل ضغط سياسية على مصر. إلى جانب ذلك، تطرق إلى مواقف الشركات الملاحية الكبرى وشركات التأمين البحري، التي تبدو مترددة نتيجة التحديات التي تواجه القناة، خصوصاً مع احتمالية تعويض مرور السفن عبر رأس الرجاء الصالح نتيجة لمخزون الفائض من السفن بعد جائحة كورونا، بالإضافة إلى التغيرات الإقليمية في التجارة جنوب وشرق آسيا والتي قد تقلل من معدلات مرور البضائع عبر القناة.

تعزيز تنافسية قناة السويس ضمن التحديات الراهنة في الصراع على الممرات البحرية

اختتم اللقاء بتأكيد أن قناة السويس تظل تحمل فرصاً كبيرة رغم التحديات المتعددة التي تواجهها، وأن نجاحها لا يعتمد فقط على موقعها الجغرافي الفريد، بل على الجهود الوطنية المتكاملة لتعزيز مكانتها الاستراتيجية في التجارة الدولية. وقد أدار اللقاء الطبيب النفسي والشاعر المقيم في لندن هاني شعيب، حيث أثار مع أعضاء الملتقى تساؤلات حول الخطوات التي يجب اتخاذها لتعزيز تنافسية القناة ودعمها كممر استراتيجي حيوي. وطالبوا بزيادة الاستثمارات في البنية التحتية والمشاريع الخضراء والخدمات اللوجستية في منطقة القناة، مع التركيز على:

• توفير خدمات الصيانة والإصلاح العميق للسفن
• التموين السريع والدقيق للسفن العابرة
• رقمنة الخدمات المقدمة للقناة لتسهيل الإجراءات
• بناء نموذج تأميني قوي يحمي السفن من الأضرار بما يشمل أجسامها ومحركاتها وحمولاتها والعاملين عليها
• دراسة حوافز سعرية وفنية مبتكرة للسفن العابرة
• تنسيق متواصل مع القوى التجارية الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي ودول الخليج، بهدف إعادة الاستقرار إلى أوضاع البحر الأحمر بسرعة

يظل الصراع على الممرات البحرية، وعلى رأسها قناة السويس، جزءاً محورياً من التوازنات الدولية المعقدة بين القوى الكبرى، وضرورة استثمار الإمكانات الوطنية في مصر باتت أكثر إلحاحاً لضمان استمرار القناة كممر استراتيجي لا غنى عنه في التجارة العالمية، مع مواجهة التحديات بأساليب مستدامة ومبتكرة تلائم تطورات المشهد الجيوسياسي والاقتصادي العالمي