«نيران غامضة» حريق سنترال رمسيس يكشف أسرار مصر المخبأة منذ 100 سنة

«نيران غامضة» حريق سنترال رمسيس يكشف أسرار مصر المخبأة منذ 100 سنة
«نيران غامضة» حريق سنترال رمسيس يكشف أسرار مصر المخبأة منذ 100 سنة

حريق سنترال رمسيس مفاجأة أليمة ضربت قلب القاهرة بعد أكثر من 100 سنة على افتتاحه، هذا المبنى الذي شهد انطلاق أول مكالمة “آلو” في مصر، وتحول منذ ذلك الحين إلى أحد أهم مراكز الاتصالات في البلاد، حيث يخزن بين جدرانه قصصاً وتفاصيل رقمية تتعلق بحركة الاتصالات المصرية، قبل أن يتعرض لمأساة الحريق التي هزت بنيانه وأثارت الكثير من التساؤلات عن مصيره.

لماذا سنترال رمسيس يشغل أهميته في مصر

سنترال رمسيس ليس مجرد مركز اتصالات، بل هو نقطة محورية تعالج حوالي 40% من حركة الاتصالات داخل مصر وخارجها، فهو يعتمد على شبكة متطورة تجمع بين خطوط الألياف الضوئية والاتصالات الأرضية، مما يجعله العمود الفقري الذي تمر عبره خدمات معظم شركات الاتصالات الكبرى، سواء في توجيه المكالمات أو تقديم الإنترنت، الأمر الذي يعكس دوره الاستراتيجي في تأمين البنية الرقمية للبلاد، ومن دون وجوده، قد يتأثر التواصل الإلكتروني والحركي بشكل كبير، لذلك فإن الحريق الأخير أشعل الشك والقلق بشأن قدرة مصر على تأمين الاتصالات في حال الكوارث.

حريق سنترال رمسيس كشف هشاشة بعض التدابير الوقائية، وبعيداً عن خسارة المعدات، هناك فقدان كبير في البيانات السرية التي كانت تخزن ضمن أنظمته، وهو ما يضع أمام المسؤولين تحدياً مزدوجاً بين إعادة تأهيل البنية التحتية وتأمين المعلومات الحساسة التي قد تؤثر على الخدمات الوطنية.

سنترال رمسيس وأول “آلو” انطلقت في مصر

لا يمكن الحديث عن حريق سنترال رمسيس دون التذكير بالتاريخ العريق الذي يحمله، ففي عام 1927، أطلق الملك فؤاد الأول أول مكالمة هاتفية عبر هذا المركز في مبناه القديم بشارع رمسيس، مستخدماً هاتفاً فضياً صنعت تفاصيله شركة إريكسون السويدية، تلك اللحظة التي تعد علامة فارقة في تاريخ الاتصالات المصرية، والتي دفعت البلاد قُدماً نحو عصر جديد من التواصل السريع، اليوم، هذا الهاتف محفوظ في متحف المركبات الملكية، يمثل بداية رواية طويلة من التحولات التقنية التي مرت بها مصر وتوّجها سنترال رمسيس كمصدر اتصال رئيسي لعقود طويلة.

هذا الحريق لم يؤثر فقط على البنية التقنية بل ضرب أيضاً جزءاً من ذاكرة وطنية، فالمكان لم يكن مركزاً تقنياً فقط بل شاهداً على إطلاق أول وزارة اتصالات في مصر، وعلى انطلاق أول شركة محمول في 1998، كما أنه ربط بين المحافظات داخل مصر وخارجها عبر شبكة اتصالات متكاملة، مما جعل من سنترال رمسيس مشهداً حيوياً في تحولات البلاد الرقمية والاجتماعية.

الآثار والتبعات بعد حريق سنترال رمسيس

بمجرد اندلاع الحريق مساء أمس، دخلت الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة في حالة ارتباك، فقد أعلنت البورصة المصرية تعليق التداول بسبب تأثر نظام الاتصالات، كما أكدت مؤسسات أخرى مثل البنك الأهلي تراجع خدماتها وتأثرها بشكل مباشر، وطرح الأمر قضية مدى استعداد البنية التحتية الرقمية في مصر لمواجهة الأزمات المفاجئة، حيث يواجه السنترال بعد الحريق تحديات جمّة تشمل:

  • إصلاح الأجهزة المتضررة بشكل سريع، للحفاظ على استمرارية الخدمات.
  • تأكيد سلامة البيانات الحيوية المخزنة قبل وأثناء الحريق.
  • إعادة النظر في خطط الطوارئ لضمان توفر نسخ احتياطية في مواقع منفصلة.
  • التخطيط لنقل المركز إلى مكان أكثر أمانًا في المستقبل.
المؤسسة نوع التأثر الإجراء المتخذ
البورصة المصرية تعليق التداول بسبب توقف الاتصالات تجميد أنظمة التداول حتى استعادة الخدمة
البنك الأهلي تأخير تقديم الخدمات المصرفية توفير بدائل مؤقتة للعملاء
شركات الاتصالات تأثر شبكات الهاتف والإنترنت تحويل حركة البيانات إلى مراكز أخرى

بالتأكيد، حريق سنترال رمسيس ليس فقط خسارة بنية تحتية، بل رمز لحقبة طويلة من الإبداع والجهود المبذولة لتطوير الاتصالات في مصر، ويضع أمامنا تحدي الحفاظ على تاريخ وحاضر ومستقبل هذا الصرح، مع العمل على تعزيز آليات الحماية والتحديث المستمر لبنية تحتية يمكن أن تنهار أمام نيران مفاجئة، فتبقى القصة مستمرة في انتظار الخطوة القادمة التي تحمي هذا العملاق الرقمي.