هل تؤكد الاكتشافات الجديدة أن تاريخ الشعوب السامية أقدم من سومر؟ تعرف على السردية المحدثة

التاريخ لم يبدأ في سومر، وهذا المفهوم الأساسي يستعرضه كتاب «التاريخ لم يبدأ في سومر» للكاتب السعودي فايد العليوي، الذي يعيد تصويب النظر إلى جذور الشعوب السامية ويؤكد من خلال بحث علمي معمق أن منبع هذه الشعوب ولغاتها وحضاراتها العريقة يكمن في الجزيرة العربية. يهدف الكتاب إلى تصحيح المفاهيم التاريخية السائدة، مبتعداً عن النظرة المركزية الغربية التي هيمنت على دراسة هذه الحضارات.

الجذور العربية للشعوب السامية وأصل اللغات العربية القديمة

يركز الكتاب على إثبات أن الشعوب التي عرفت بالسامية تنحدر في واقع الأمر من الجزيرة العربية، ويضم ذلك الأكاديون، العموريون أو الكنعانيون الشرقيون، الكنعانيون الذين شملوا الفينيقيين والأوغاريتيين، بالإضافة إلى الإرميين المعروفين بالآراميين. ويستند الكاتب إلى استنتاجات العديد من العلماء المتخصصين الذين أظهروا أصول هذه الشعوب العربية المشتركة والروابط الاجتماعية بينها، ما جعل تسمية لغاتهم بـ«اللغات العربية القديمة» أكثر دقة من اصطلاح «اللغات السامية» الذي استُحدث لتقسيمها. هذا التوجه يَصحح فجوة مفاهيمية متعلقة بالتاريخ والثقافة بين العرب الحاليين وشعوبهم القديمة.

مكانة الجزيرة العربية في الحضارات القديمة وتأثيرها الديني والثقافي

يبرز الكتاب مركزية الجزيرة العربية في الحضارات الأولى من خلال استشهادات مهمة مثل ما ذكره المستشرق الإيطالي ليون كيتاني، إذ كانت الحضارات الفرعونية والبابلية تطلق على الجزيرة اسم «أرض الآلهة» بالإشارة إلى أهميتها الدينية البارزة آنذاك، كما تؤكد هذه الدلالات على أن أقدم حضارة في المنطقة، حضارة العُبيد، نشأت فيها قبل انتشارها إلى بلاد الرافدين وليس العكس. ويُضيف الكتاب شهادة العالم العراقي أحمد سوسة أثناء زيارته للمملكة في عهد الملك عبد العزيز، حيث أشار إلى اكتشاف أثري لشركة أرامكو في منتصف القرن العشرين يُبرز حضارة زراعية وريًّ قديمة في وسط الجزيرة العربية، سبقت معظم الحضارات المحيطة، وظفت تقنياتها في بلاد الرافدين.

قبائل العرب القديمة ونقل التاريخ بين الأسماء والمصطلحات

يناقش الكتاب أيضًا أصول العرب الأنباط والآراميين، مستعرضًا آراء علماء الآثار التي تشير إلى أن نجد كانت موطنهم الأصلي، ويربطهم بالعرب الإسماعيليين، مصطفياً دوران مصطلح «العرب المستعربة» كإطار استُخدم لنفي العروبة عن ذرية إسماعيل. كما يوضح الكاتب كيف تحوّل اسم الإرميين إلى الآراميين بسبب النسخ المتأخرة للكتاب المقدس التي حرّفت الاسم من «الإرميين» أو «قوم إرم» إلى «الآراميين»، مستشهداً بالمؤرخ الإغريقي سترابون الذي أكد أن الآراميين كانوا فرعًا من العرب في زمنه. ويقارن الكتاب بين الأحداث التي تعرض لها الأكاديون وفق المصادر الغربية التاريخية والأثرية، وبين وقائع قوم عاد كما وردت في المصادر الدينية والإخبارية العربية، ما يعزز العلاقة بين هذه الشعوب ويؤكد الجذور العربية المشتركة.

فصل الكتاب موضوع الفصل
الأول التاريخ لم يبدأ في سومر
الثاني الأكاديون: أول أقوام الجزيرة العربية في عصر ما بعد التاريخ وأول إمبراطورية في العالم
الثالث الكنعانيون (الفينيقيون – الأوغاريتيون)
الرابع العموريون (الكنعانيون الشرقيون)
الخامس الإرميون (الآراميون)
السادس اللغات العربية القديمة ومصطلح السامية
السابع الجذور التاريخية لنظرية العرب المستعربة
الثامن تأثير حضارة بلاد الرافدين وبلاد الشام على الحضارة الإغريقية
التاسع تأثير حضارة بلاد الرافدين على الحضارة الفارسية
العاشر تأثير حضارة بلاد الرافدين والجزيرة العربية على الحضارة المصرية
الحادي عشر التشابه بين الأكاديين وقوم عاد

الكتاب إذًا يقدم قراءة مغايرة وثيقة الإنتماء للجزيرة العربية كمهد الحضارات السامية، ويربط بين مختلف الشعوب الناطقة باللغات العربية القديمة عبر دلائل تاريخية وأثرية موثوقة، ويرفض الرؤى التي فصلت العرب الحديثين عن تاريخهم العريق، موضحًا أن الجزيرة لم تكن جهة هامشية بل كانت القلب النابض للحضارات والمراكز الثقافية والدينية في العصور القديمة.